هو الواجب عليه من دون دخل للخصوصية في تحققه.

وعليه فلا يعقل التخيير في التدريجيات بين الأقل والأكثر الحقيقي ، بأن يكون الأقل مأخوذاً لا بشرط والأكثر بشرط شي‌ء ، أي مشتملاً عليه بتمامه مع الزيادة ، إذ بعد وجود الأقل في الخارج ينطبق عليه الطبيعي الذي كان هو الواجب لا محالة فيسقط أمره قطعاً ، إذ الانطباق قهري والإجزاء عقلي ، ومعه لا يبقى أمر حتى يقع الأكثر امتثالاً له ويتصف بكونه مصداقاً للواجب كي يكون عدلاً آخر للواجب التخييري ، فلا مناص من وقوع الزائد الذي يشتمل عليه الأكثر على صفة الاستحباب ، ومن هنا ذكرنا في باب التسبيحات الأربع أنّ الواجب إنّما هو الاولى والزائد عليها مستحب (١).

نعم ، يمكن ذلك فيما كان من قبيل الأقل والأكثر صورة وإن لم يكن منه حقيقة ، بأن كان الأقل مأخوذاً بشرط لا لا بنحو اللااقتضائيّ بشرط والأكثر بشرط شي‌ء ، كما في التخيير بين القصر والتمام ، حيث إنّ الأقل هو الركعتان بشرط عدم زيادة شي‌ء عليهما ، والأكثر مشروط بزيادة ركعتين أُخريين.

وإن شئت فقل : الأقل مشروط بوقوع التسليم على الركعتين ، والأكثر بوقوعه على الأربع. وكما في التسبيحات الأربع مثلاً بأن يقال : الأقل هو التسبيحة الأُولى بشرط الاقتصار عليها ، وعدم زيادة تسبيحة ثانية ، والأكثر هي المشروطة بإضافة ثنتين عليها حتى يكون المجموع ثلاثاً ، فلا يقع الامتثال بالتسبيحتين ، لعدم كونهما من الأقل ولا الأكثر. إلاّ أنّ ذلك خارج في الحقيقة عن باب التخيير بين الأقل والأكثر وإن كان على صورته ، وداخل في باب التخيير بين المتباينين ، لتقيّد كل منهما بقيد يضاد الآخر ، فلا يكون الأكثر مشتملاً على تمام الأقل وزيادة ، الذي هو مناط الدرج في باب الأقل والأكثر.

__________________

(١) في ص ٤٩٢.

۵۲۴