وعليه فنقول : إن كان مراد القائل بوقوع الافتتاح بمجموع ما يختاره المكلف من الواحدة أو الثلاث أو الخمس أو السبع ، الراجع إلى التخيير بين الأقل والأكثر ، أنّ الأقل وهي الواحدة مأخوذ بنحو اللاّبدية بشرط ، كي يكون من الأقل والأكثر الحقيقي ، فقد عرفت انّ هذا أمر غير معقول ثبوتاً ، فكيف يمكن تنزيل الأخبار عليه. بل لو فرضنا صراحة الأخبار فيه فضلاً عن الظهور ، فلا مناص من ارتكاب التأويل ، لامتناع التعبد بالمستحيل ، فيقال بأنّ إطلاق الافتتاح على المجموع مبني على ضرب من التجوّز ، باعتبار الاشتمال على تكبيرة الافتتاح فأُطلق على المجموع مجازاً بعلاقة الجزء والكل.
وإن كان مراده أنّ ذلك من التخيير بين الأقل والأكثر الصوري ، وإلاّ فهما من المتباينين ، لكون الأقل هي التكبيرة الواحدة بشرط لا ، فهذا وإن كان أمراً معقولاً في حدّ نفسه كما عرفت ، إلاّ أنّه لا يمكن الالتزام به في المقام ، إذ لازمه عدم انعقاد الافتتاح وبطلان الصلاة فيما لو كان لدى الشروع بانياً على اختيار الثلاث مثلاً وبعد الإتيان بتكبيرتين بدا له في الثالثة فتركها عامداً واقتصر على الثنتين ، إذ هما ليسا من الأقل ولا الأكثر ، فينبغي بطلان الصلاة حينئذ كبطلانها فيما لو اقتصر على الثنتين من التسبيحات الأربع ، بناءً على أن يكون الأقل فيها هي الواحدة بشرط لا ، ولا يظن بهذا القائل فضلاً عن غيره الالتزام بذلك.
وأفحش من ذلك : ما لو ترك الثالثة نسياناً في الفرض المزبور فتذكرها بعد الفراغ من الصلاة ، فإنّ اللاّزم بطلانها حينئذ ، للإخلال بما اختاره من التكبيرة الذي هو مجموع الثلاث حسب الفرض ، ولا شك أنّ الإخلال بها عمداً وسهواً موجب للبطلان كما تقدّم (١) ، مع أنّه لا يحتمل أن يلتزم به الفقيه.
__________________
(١) في ص ٨٩.