﴿ وليذكر إخوانه بالدعاء ، وأقلّهم أربعون ﴾. روى الكليني عن عليّ ابن إبراهيم عن أبيه ، قال : رأيت عبد اللّٰه بن جندب بالموقف فلم أر موقفاً كان أحسنَ من موقفه ، ما زال مادّاً يده إلى السماء ودموعه تسيل على خدّيه حتى تبلغ الأرض ، فلمّا [انصرف] (١) الناس قلت : يا أبا محمّد ما رأيت موقفاً قطّ أحسن من موقفك! قال : واللّٰه ما دعوت فيه إلّا لإخواني ، وذلك لأنّ أبا الحسن موسى عليهالسلام أخبرني أنّه من دعا لأخيه بظهر الغيب نودي من العرش «ولك مئة ألف ضعف مثله» وكرهت أن أدَعَ مئة ألف ضعف لواحدة لا أدري تستجاب أم لا (٢).
وعن عبد اللّٰه بن جندب قال : كنت في الموقف ، فلمّا أفضت أتيت إبراهيم ابن شعيب فسلّمت عليه وكان مصاباً با حدى عينيه وإذا عينه الصحيحة حمراء كأ نّها عَلَقةُ دم. فقلت له : قد اُصبت با حدى عينيك وأنا واللّٰه مشفق على الاُخرى ، فلو قصرت من البكاء قليلاً ، قال : لا واللّٰه يا أبا محمّد ما دعوت لنفسي اليوم دعوة ، قلت : فلمن دعوت؟ قال : دعوت لإخواني؛ لأنّي سمعت أبا عبد اللّٰه عليهالسلام يقول : من دعا لأخيه بظهر الغيب وكّل اللّٰه به ملكاً يقول : «ولك مثلاه» فأردت أن أكون أنا أدعو لإخواني ، والملك يدعو لي؛ لأني في شكّ من دعائي لنفسي ، ولست في شكّ من دعاء الملك لي (٣).
﴿ ثمّ يُفيض ﴾ أي ينصرف ، وأصله الاندفاع بكثرةٍ اُطلق على الخروج من عرفة لما يتّفق فيه من اندفاع الجمع الكثير منه كإفاضة الماء ، وهو متعدٍّ ، لا لازم ،
____________________
(١) في المخطوطات : صرف.
(٢) الوسائل ١٠ : ٢٠ ، الباب ١٧ من أبواب إحرام الحجّ ، الحديث الأوّل.
(٣) نفس المصدر : الحديث ٣.