أي يُفيض نفسَه ﴿ بعد غروب الشمس ﴾ المعلوم بذهاب الحمرة المشرقيّة بحيث لا يقطع حدود عرفة حتى تغرب ﴿ إلى المشعر ﴾ الحرام ﴿ مقتصداً ﴾ متوسّطاً ﴿ في سيره ، داعياً إذا بلغ الكثيب (١) الأحمر ﴾ عن يمين الطريق بقوله : «اللهمّ ارحم موقفي ، وزد في عملي ، وسلِّم لي ديني ، وتقبّل مناسكي. اللهم لا تجعله آخر العهد من هذا الموقف ، وارزقنيه أبداً ما أبقيتني» (٢).
﴿ ثمّ يقف به ﴾ أي يكون بالمشعر ﴿ ليلاً إلى طلوع الشمس. والواجب الكون ﴾ واقفاً كان ، أم نائماً ، أم غيرهما من الأحوال ﴿ بالنيّة ﴾ عند وصوله. والأولى تجديدها بعد طلوع الفجر ، لتغاير الواجبين ، فإنّ الواجب الركني منه اختياراً المسمّى فيما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس ، والباقي واجب لا غير ، كالوقوف بعرفة.
﴿ ويستحبّ : إحياء تلك الليلة ﴾ بالعبادة ﴿ والدعاء والذكر والقراءة ﴾ فمن أحياها لم يمت قلبه يوم تموت القلوب.
﴿ ووطء الصرورة المشعر برجله ﴾ ولو في نعل أو ببعيره. قال المصنّف في الدروس : والظاهر أنّه (٣) المسجد الموجود الآن (٤).
____________________
(١) الكثيب : التلّ من الرمل.
(٢) التهذيب ٥ : ١٨٧ ، باب الإفاضة من عرفات ، الحديث ٥ و ٦.
(٣) الضمير راجع إلى المشعر ـ كما صرّح به في المسالك ٢ : ٢٨٧ ـ ولازمه أن يكون المشعر موضعاً خاصّاً من المزدلفة ، لكن عبارة الدروس هكذا : «وقال ابن الجنيد : يطأ برجله أو بعيره المشعر الحرام قرب المنارة ، والظاهر أنّه المسجد الموجود الآن» فمرجع الضمير في عبارة الدروس هو «المشعر الحرام قرب المنارة» لا المشعر مطلقاً.
(٤) الدروس ١ : ٤٢٢.