فالأولى الاستدلال لذلك : بأنّ التكبيرة الثانية لا أمر بها بعد فرض صحة الأُولى ، إذ لا معنى للافتتاح عقيب الافتتاح ، وحيث إنّها تقع بقصد الجزئية ، إذ لا تكاد تتصف بكونها تكبيرة الافتتاح إلاّ إذا كانت مقرونة بهذا القصد ، فهي لا محالة تقع على صفة الزيادة ، إذ لا نعني بها إلاّ الإتيان بشي‌ء بقصد الجزئية ولم يكن مأموراً به ، فتشمله أدلة الزيادة المبطلة كقوله عليه‌السلام : « من زاد في صلاته فعليه الإعادة » (١).

لكن هذا يختص بما إذا أعادها بقصد الجزئية ، وأمّا إذا أعادها بقصد الرجاء ومن باب الاحتياط كما لو شك في صحة الأُولى بشك لا يعتنى به شرعاً ، كما لو كان بعد الفراغ عن الأُولى المحكومة بالصحة حينئذ ظاهراً ، فأعادها رجاءً دركاً للواقع فقصد بها الافتتاح على تقدير فساد الاولى ، وإلاّ فتقع ذكراً فإنّه لا موجب للبطلان حينئذ ، لعدم كونها من الزيادة المبطلة بعد عدم قصد الجزئية بها. هذا كله في الزيادة العمدية.

وأمّا السهوية : فالمشهور أيضاً هو البطلان ، إلاّ أنّ وجهه غير ظاهر ، لعدم الدليل عليه ، فانّ الوجوه المتقدمة لا تقتضيه في هذه الصورة كما لا يخفى ، والتمسّك بالإجماع على ركنيتها بضميمة الإجماع على تفسير الركن بما تقدح زيادته عمداً وسهواً كنقيصته ، قد عرفت ما فيه ، إذ بعد تسليم الإجماع الأوّل لا دليل على الثاني ، بل ثبت عدمه بعد اختلاف الكلمات حيث ظهر من بعضهم الاقتصار في تفسيره بالإخلال من ناحية النقص فحسب ، ومفهوم الركن لغة وعرفاً لا يساعد على أكثر من ذلك ، فإنّه ما يتقوّم به الشي‌ء ، والزيادة غير قادحة في التقوّم لو لم تكن مؤيّدة ، ولم يرد اللفظ في شي‌ء من الروايات وإنما وقع التعبير به في كلمات الأصحاب خاصة.

__________________

(١) الوسائل ٨ : ٢٣١ / أبواب الخلل ب ١٩ ح ٢.

۵۲۴