ولذا عدّوها من الأركان ، بعد تفسير الركن بما تقدح زيادته عمداً وسهواً كنقيصته ، ومن هنا ذكروا أنّه لو كبّر ثانياً بقصد الافتتاح بطلت واحتاج إلى الثالثة ، فإن أبطلها بالرابعة احتاج إلى الخامسة ، وهكذا تبطل بالشفع ، وتصح بالوتر.
لكن البطلان بالثانية يتوقف على القول بعدم الخروج عن الصلاة بمجرد نيّة القطع ، وأمّا على القول به كما عليه المشهور وإن كان خلاف التحقيق كما مرّ (١) فتصح الثانية من دون حاجة إلى الثالثة ، إذ قصد الافتتاح بالثانية ملازم لقصد الخروج عن الأولى ، فالبطلان في مرتبة سابقة على التكبيرة فلا تتصوّر الزيادة حينئذ كما لا يخفى.
وبهذا يشكل على المشهور في الجمع بين الأمرين ، حيث ذهبوا إلى الخروج بمجرّد نيّة القطع ، ومع ذلك حكموا في المقام ببطلان الثانية والافتقار إلى الثالثة.
وكيف كان ، فلا بدّ من فرض الكلام بعد الفراغ عن عدم الخروج بنيّة القطع كي تتصوّر الزيادة. ويقع الكلام تارة في الزيادة العمدية وأُخرى في السهوية.
أمّا الأوّل : فقد استدلّ على البطلان بوجوه نذكر عمدتها :
فمنها : ما عن شيخنا الأنصاري قدسسره من أنّ الثانية زيادة واقعة على جهة التشريع فتحرم وتبطل الصلاة بها ، لكونها من الكلام المبطل مع العمد إليه اتفاقاً (٢).
وفيه : أنّ المبطل هو خصوص كلام الآدمي ، ولم يثبت البطلان بمطلق الكلام المحرّم وإن كان ذكراً. على أنّ التشريع لا يجري فيما لو أعادها ثانياً من باب الرجاء وبقصد الاحتياط كما ستعرف فلا يتمّ على إطلاقه. هذا مع أنّ
__________________
(١) في ص ٥٠.
(٢) كتاب الصلاة ١ : ٥٥٣.