أحدها : وهو أعلاها (١) أن يقصد امتثال أمر الله ، لأنّه تعالى أهل للعبادة والطاعة ، وهذا ما أشار إليه أمير المؤمنين عليه‌السلام بقوله : إلهي ما عبدتك خوفاً من نارك ولا طمعاً في جنّتك ، بل وجدتك أهلاً للعبادة فعبدتك.

الثاني : أن يقصد شكر نعمة التي لا تحصى.

الثالث : أن يقصد به تحصيل رضاه والفرار من سخطه.

الرابع : أن يقصد به حصول القرب إليه (٢).

الخامس : أن يقصد به الثواب ورفع العقاب ، بأن يكون الداعي إلى امتثال أمره رجاء ثوابه وتخليصه من النار.


(١) وأسماها ، ولا ينالها إلاّ الأوحدي ، لخلوّها عن أيّة جهة ترجع إلى العبد.

ومجمل القول حول هذه الدرجات : أنّ العبادة بما أنّها عمل اختياري صادر من عاقل مختار ، وكل ما كان كذلك لا بدّ فيه من وجود غاية باعثة على ارتكاب العمل ، فهذه الغاية في المقام إما أنّها ملحوظة في جانب العامل العابد ، أو في ناحية المعبود.

والثاني إما أنّه لحاظ كماله الذاتي وأهليته للعبادة ، وهو أرقى المراتب ، أو من أجل حبّه الناشئ من نعمه وإحسانه. والأوّل إمّا أنّه تحصيل رضاه ، أو التقرّب منه ، أو طمع في ثوابه ، أو خشية من عقابه.

(٢) من الواضح جدّاً أنّ المراد بالقرب ليس هو القرب المكاني الحقيقي ، بل ولا الادعائي التنزيلي ، لوضوح أنّ القرب بين شيئين يتضمن التضايف بحيث أنّ أحدهما إذا كان قريباً كان الآخر أيضاً كذلك واقعاً أو تنزيلاً.

ومن البيِّن أنّه سبحانه قريب من جميع البشر ، بل هو أقرب إلينا من حبل‌

۵۲۴