وأمّا إذا كان قصده ذلك على وجه المعاوضة من دون أن يكون برجاء إثابته تعالى فيشكل صحته (١) ، وما ورد من صلاة الاستسقاء وصلاة الحاجة إنّما يصح إذا كان على الوجه الأوّل.


الوريد ، وكل شي‌ء حاضر عنده حضوراً ذاتياً ، بيد أنّ البعض منّا بعيد عنه لكونه غريقاً في الذنوب والخطايا المستوجب لعدم توجهه والتفاته إليه ، فهو قريب من عباده تنزيلاً ، وهم بعيدون عنه.

بل المراد من القرب الذي يتوخّاه العبد في عبادته هو طلب الحضور بين يدي الرب والشهود عنده بحيث كأنه يراه ويشاهده شهوداً قلبياً لا بصرياً. ويستفاد من كثير من الأدعية والروايات أنّ الغاية القصوى من العبادات هو لقاء الله تعالى ، والوصول إلى هذه المرتبة التي هي أرقى المراتب التي يمكن أن يصل إليها الإنسان ، وربما يتفق الوصول إليها بعد التدريب ومجاهدة النفس والتضلّع في العبادة المستتبعة بعد إزالة الملكات الخبيثة لصفاء القلب وقابليته لمشاهدة الرب والسير إليه ، فيروم العابد بعبادته النيل إلى هذه المرتبة التي هي المراد من التقرب منه تعالى.

(١) بل لا ينبغي التأمل في البطلان ، ضرورة أنّ الثواب أو دفع العقاب لا يترتّبان على ذات العمل لكي تصح المعاوضة والمبادلة بينهما ، بل على العمل المتصف بالعبادية والصادر بقصد الامتثال والطاعة ، فلو صلى ليدخل الجنة بطلت ، إذ ليس لذات العمل هذا الأثر ، بل المأتي به مضافاً إلى المولى. ومجرد قصد دخول الجنة لا يحقِّق الإضافة كما هو واضح ، وإنما يتجه لو كان على سبيل الداعي على الداعي.

وهكذا ما ورد في صلاة الاستسقاء أو الحاجة أو صلاة الليل ، من الخواص والآثار من طلب الرزق ونحوه ، فإنّها لا تترتب على ذات الصلاة ، بل المأتي بها‌

۵۲۴