السفر وقد بلغ إلى حدّ الترخص قبل الفراغ منها ، بين ما إذا كان البلوغ بعد الدخول في ركوع الثالثة ، وما إذا كان قبله ، فذكر أنّ الأحوط الإتمام والإعادة قصراً في الصورة الأُولى ، وأنّه يعدل إلى القصر في الصورة الثانية.
أقول : أمّا ما ذكره من الاحتياط في الصورة الأُولى فهو حسن لكنّه غير لازم ، بل الأقوى بطلانها ، فيرفع اليد عنها ويأتي بالقصر ، إذ مقتضى إطلاق ما دلّ على أنّ من بلغ إلى حدّ الترخص وجب عليه القصر أنّ وظيفته الفعلية هي القصر ، وإن أتى ببعض الصلاة قبل ذلك ، لعدم قصور للإطلاق في شموله للمقام بعد تحقق موضوعه كما لا يخفى. وحيث إنّه لا يتمكن من تتميم هذه الصلاة قصراً لفرض تجاوز محل العدول ، ولا تماماً لعدم الأمر به فتبطل لا محالة ، إذ ما هو المأمور به لا يتمكن من إتيانه ، وما يتمكن منه ليس مأموراً به. فلا مناص من رفع اليد عنها واستئنافها قصراً.
وأمّا الصورة الثانية : فالظاهر صحتها وإتمامها قصراً وإن شرع فيها بنيّة التمام ، وذلك لما عرفت سابقاً من أنّ القصر والتمام ليسا حقيقتين مختلفتين وماهيتين متباينتين كي يلزم قصد كل منهما بخصوصه ، بل هما فردان من حقيقة واحدة يختلفان بحسب الأحكام من وجوب التسليم على الثانية في الأوّل وعلى الرابعة في الثاني ، فلا يلزم إلاّ تعيين عنوان الصلاة من الظهر أو العصر وينظر في تعيين أيّ الفردين لتشخيص الوظيفة الفعلية إلى حال المكلف في مرحلة الامتثال وأنّه حاضر أو مسافر ، وحيث إنّه بعد الانتهاء عن الركعتين مسافر على الفرض وإن كان حاضراً قبله ، فينقلب الموضوع ويجب عليه القصر حينئذ.
وبعبارة اخرى : لا شك أنّ الركعتين الأولتين واجبتان على عامة المكلفين من الحاضرين والمسافرين ، وهذا قدر مشترك بين الطائفتين ، وبعد الانتهاء منهما