هذا كلّه فيما إذا كان شكه فيما في يده على نحو يشك في حالته الفعلية أيضاً.
وهناك نوع آخر تعرّض له في المتن ، وهو ما إذا لم يتعلّق الشك بالحالة الفعلية ، فيرى نفسه فعلاً في صلاة العصر مثلاً وشكّ في أنّه نواها من الأوّل كي تصح ، أو نوى غيرها كالظهر مثلاً كي لا تصح ، لعدم جواز العدول من السابقة إلى اللاّحقة. وليفرض الكلام فيما لو كان آتياً بصلاة الظهر وإلاّ إمّا جزماً أو احتمالاً فيعدل بها إليه ويتمّها ظهراً ولا إشكال كما تقدّم ، أو رأى نفسه في الفريضة وشكّ في أنّه نواها من الأوّل ، أو نوى النافلة.
حكم في المتن حينئذ بالصحة ، وأنّه يبني على أنّه نواها كذلك من الأوّل وإن لم يكن ممّا قام إليه ، وعلّله بأنّه يرجع إلى الشك بعد تجاوز المحل.
أقول : إن أراد قدسسره إجراء قاعدة التجاوز في نفس النيّة ابتداءً فعليه إشكال ظاهر كما ستعرف ، وإن أراد إجراء القاعدة في شيء آخر يلازم الشك في النيّة بحيث يكون مرجعه إلى الشك بعد تجاوز المحل على وجه دقيق لا أنّه منه ابتداءً ، كما لا يبعد ظهور العبارة فيه ، للتعبير بقوله : لأنّه يرجع ... إلخ فهو في غاية الجودة ، ويحكم بصحة الصلاة من أجل ذلك ، وبيانه : أنّه ربّما يشكل في المقام بعدم جريان قاعدة التجاوز بالإضافة إلى النيّة ، لعدم كونه من الشك بعد تجاوز المحل ، لتوقفه على أن يكون للمشكوك فيه محل موظف مقرر له بحيث كان تركه تركاً لما ينبغي أن يفعل ، كما لو شكّ في القراءة بعد ما ركع ، أو فيه بعد ما سجد وهكذا ، فانّ محل القراءة سابق على الركوع وهو على السجود.
ومعلوم أنّ الشك في النيّة ليس من هذا القبيل ، فإنّ نيّة صلاة العصر مثلاً إنّما يكون محلّها قبلها (١) وينبغي فعلها فيما إذا كانت الصلاة معنونة بصلاة العصر
__________________
(١) ربّما يتراءى التنافي بين المقام وبين ما أُفيد في [ العروة ١ : ٦٤٥ المسألة ٢١٣٤ ] فليلاحظ.