وممّا ذكرنا تعرف أنّ ما قدّمناه (١) من الجمع العرفي أيضاً ساقط ، لما عرفت من تعذر الحمل على التخيير ، فلا مناص من الالتزام باستقرار المعارضة بينهما وبين صحيحة سالم أبي خديجة المتقدمة الصريحة في تعيّن التسبيح للإمام فيتساقطان لا محالة ، والمرجع بعدئذ إطلاق صحيحة عبيد بن زرارة (٢) القاضية بالتخيير والمساواة بين القراءة والتسبيح من دون ترجيح.

فان قلت : قد ورد النهي عن القراءة في بعض النصوص المحمول على الكراهة جمعاً ، ولازمه أفضلية التسبيح فكيف يلتزم بالتخيير.

قلت : النهي عن القراءة لم يرد إلاّ في صحيحتين ، إحداهما : صحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام « قال : إن كنت خلف إمام فلا تقرأنّ شيئاً في الأولتين ، وأنصت لقراءته ، ولا تقرأنّ شيئاً في الأخيرتين ، فإنّ الله عزّ وجل يقول للمؤمنين ﴿ وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ يعني في الفريضة خلف الإمام ﴿ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ، فالأخيرتان تبعاً للأوّلتين » (٣).

وهي كما ترى ظاهرة في المنع عن القراءة في الصلوات الجهرية ، ولا معارض لها في موردها ، فلو كنّا نحن وهذه الصحيحة لحكمنا بعدم جواز القراءة في الأخيرتين للمأموم في الصلاة الجهرية ، إذ لا مقتضي لحمل النهي على خلاف ظاهره بعد سلامته عن المعارض في مورده ، غير أنّ المشهور لم يلتزموا بذلك.

ومن هنا كان الأحوط وجوباً اختيار التسبيح بالنسبة إليه ، كما نبّه عليه سيدُنا الأُستاذ ( دام ظله ) في التعليقة (٤).

__________________

(١) في ص ٤٥٢.

(٢) الوسائل ٦ : ١٠٧ / أبواب القراءة في الصلاة ب ٤٢ ح ١.

(٣) الوسائل ٨ : ٣٥٥ / أبواب الجماعة ب ٣١ ح ٣.

(٤) تقدمت في ص ٤٧٣.

۵۲۴