وأمّا القسم الثالث : وهو العاجز عن القراءة لمانع عارضي كمن في لسانه آفة ، فقد ذكر في المتن تبعاً لجمع أنّه يقرأ في نفسه ولو توهّماً مثل حديث النفس ، وهذا بخصوصه لم يرد في شيء من الأخبار ، لكن صاحب الجواهر قدسسره (١) استدلّ له تارة : بصحيحة علي بن جعفر المتقدمة : « سألته عن الرجل يصلح له أن يقرأ في صلاته ويحرّك لسانه بالقراءة في لهواته من غير أن يسمع نفسه؟ قال : لا بأس أن لا يحرّك لسانه يتوهم توهّماً » (٢).
وقد أسلفنا الكلام حولها وأنّه لا بدّ من رد علمها إلى أهله ، حيث إنّ ظاهرها المختار وهو على خلاف الكتاب والسنة ، وتقدّم (٣) ما عن الشيخ من حملها على الائتمام خلف المخالف ، وعرفت أنّ هذا وإن كان بعيداً جدّاً ، لكنه لا بأس به حذراً من الطرح. وعلى كل حال فهي أجنبية عن محل الكلام كما لا يخفى.
وأُخرى : بخبره الآخر المروي عن قرب الاسناد (٤) لكنه مضافاً إلى ضعف سنده بعبد الله بن الحسن أجنبي عن المقام أيضاً ولا شاهد على حمله عليه.
وثالثة : بمرسل محمد بن أبي حمزة « قال : يجزئك من القراءة معهم مثل حديث النفس » (٥) لكنها مضافاً إلى ضعفها بالإرسال كالصريح في الائتمام خلف المخالف لقوله عليهالسلام « معهم » ، فهي أيضاً أجنبية عن المقام.
وعلى الجملة : فليس في البين نص يعتمد عليه ، وحينئذ فان قلنا بأنّ الأخرس بمفهومه شامل لمحل الكلام ، وأنّه عبارة عن مطلق من لم يتمكن من التكلّم وإن
__________________
(١) الجواهر ٩ : ٣١٧.
(٢) الوسائل ٦ : ٩٧ / أبواب القراءة في الصلاة ب ٣٣ ح ٥.
(٣) في ص ٤٠٤.
(٤) الوسائل ٦ : ١٢٨ / أبواب القراءة في الصلاة ب ٥٢ ح ٤ ، قرب الاسناد : ٢٠٣ / ٧٨٥.
(٥) الوسائل ٦ : ١٢٨ / أبواب القراءة في الصلاة ب ٥٢ ح ٣.