وأمّا القسم الثاني : وهو العاجز رأساً لمانع ذاتي كالأخرس ، فالمشهور كما في المتن أنّه يحرّك لسانه ويشير بيده على حذو تفهيم سائر مقاصده ، بل إنّ هذا في الجملة ممّا لا إشكال فيه ولا خلاف ، وتدل عليه موثقة السكوني عن أبي عبد الله عليهالسلام « قال : تلبية الأخرس وتشهده وقراءته القرآن في الصلاة ، تحريك لسانه وإشارته بإصبعه » (١) ، وتؤيّده معتبرة مسعدة بن صدقة المتقدمة.
إنّما الكلام في أنّه يشير إلى أيّ شيء ، فانّ المعاني لا يلزم قصدها أو التوجه إليها حتى في المختار ، فانّ كثيراً من الناس بل أكثرهم يصلّون ولا يدرون ما يقولون ، أو لا يلتفتون ، فقصد المعنى غير معتبر قطعاً حتى تجب الإشارة إليه.
وأمّا الألفاظ ، فقد يقال بامتناع إشارة الأخرس إليها ، إذ هو لكونه أصم لملازمة الخرس للصم لم يسمع الألفاظ منذ عمره وطيلة حياته ، فكيف يشير إليها وهو لا يعرفها ، فهو بالنسبة إلى الألفاظ كالأعمى بالنسبة إلى الألوان.
لكن الظاهر أنّه يشير إلى اللفظ ، إذ هو يعلم ولو إجمالاً أنّه يخرج من الناس نوع صوت في مقام تفهيم مقاصدهم ، لما يراه من تحريك اللسان والشفتين وسائر الملابسات كما يخرج عن نفسه أيضاً ، وإن كان من نفسه مهملاً ، فيشير إلى تلك الأصوات والألفاظ عند القراءة كما في غيرها فتدبر جيداً.
وأمّا آلة الإشارة ففي المتن كغيره من سائر كلمات القوم أنّها اليد ، والمذكور في النص الإصبع ، والظاهر أنّهما متلازمان ومآلهما واحد ، فإنّ الإصبع جزء من اليد فلو أشار به يصدق أنّه أشار بيده كالعكس فلا فرق بين الأمرين.
وممّا ذكرنا تعرف عدم وجوب الائتمام عليه ، لأنّ هذه هي قراءته وهي منه بمنزلة الصحيح من الفصيح. مضافاً إلى إطلاق النص المعيّن للوظيفة الفعلية.
__________________
(١) الوسائل ٦ : ١٣٦ / أبواب القراءة في الصلاة ب ٥٩ ح ١.