اليقيني يستدعي الفراغ كذلك ، ولا يحصل إلاّ بالقراءة عن ظهر القلب.
وفيه : مضافاً إلى أنّه لا مجال للتمسّك بالأصل بعد إطلاق الدليل ، أنّ مقتضاه البراءة ، للشك في حدوث تكليف زائد كما هو الشأن في موارد الدوران بين الأقل والأكثر الارتباطي.
الرابع : خبر ابن جعفر عن أخيه موسى عليهالسلام قال : « سألته عن الرجل والمرأة يضع المصحف أمامه ينظر فيه ويقرأ ويصلي ، قال : لا يعتد بتلك الصلاة » (١). وفيه : أنّ الدلالة وإن كانت تامة لكنه ضعيف السند بعبد الله بن الحسن ، وليست في المقام شهرة على المنع حتى يدعى انجباره بالعمل لو سلّم كبرى الانجبار ، فلا يمكن الاستدلال به.
الخامس : أنّ القراءة من المصحف مكروه إجماعاً ، ولا شيء من المكروه بواجب لتضاد الأحكام بأسرها.
ويردّه أوّلاً : أنّ المكروه إنّما هو النظر في المصحف لكونه شاغلاً ومانعاً عن حضور القلب في الصلاة لا نفس القراءة وإن استلزمته ، فاختلف مورد الوجوب عن الكراهة ولم يردا على محل واحد.
وثانياً : لو سلّم كراهة القراءة نفسها فلا ينافي ذلك اتصافها بوقوعها مصداقاً للواجب ، لعدم تعلق الوجوب بشخص تلك القراءة حتى تتحقق المنافاة ، بل الواجب طبيعي القراءة الجامع بين كونها في المصحف أو عن ظهر القلب ، ولا مانع من انطباق الطبيعي على الفرد المكروه ، إذ كل مكروه فهو مرخّص فيه غايته أن يكون فرداً مرجوحاً وثوابه أقل من غيره ، كما هو الحال في سائر العبادات المكروهة.
فلا منافاة بين وجوب الطبيعي وكراهة الفرد ، وإنّما التنافي بينه وبين حرمته
__________________
(١) الوسائل ٦ : ١٠٧ / أبواب القراءة في الصلاة ب ٤١ ح ٢.