الجملة أمر مسلّم مفروغ عنه عند الراوي ، وقد أقرّه الإمام عليه‌السلام على ذلك.

ولكنّ الظاهر أنّها غير دالة على البطلان فيما نحن فيه ، فانّ الفساد في الدرجة الأُولى لم يطرأ على العمل الصحيح الذي هو محل الكلام ، بل العمل كان فاسداً من الأوّل ، وإن حسب المعجب أنّه يحسن صنعاً ، فتوصيف العجب بالمفسديّة من قبيل قولنا : ضيّق فم الركيّة ، وقوله تعالى ﴿ يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ (١) كما لا يخفى.

وأمّا في الدرجة الثانية فالفساد أيضاً واضح ، ضرورة أنّ المنّ مبطل للعمل كما يكشف عنه قوله تعالى ﴿ لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذى (٢) فانّ المنّة إذا كانت مبطلة للصدقة المعطاة للفقير ، فكيف لا تبطل الإيمان بالله الغني.

وأين هذا كلّه من الفساد والذي نتكلّم حوله من إعجاب المرء بعبادته بحيث يرى نفسه غير مقصّر في مقام العبودية ، ومؤدّياً لحقّ الربوبية. نعم ، هو مبغوض ومحرّم كما تقدم ، إلاّ أنّ إبطاله للعمل لا دليل عليه سواء أكان بعده أم أثناءه.

وأمّا قبل العمل فنادر جدّاً ، إذ لا موضوع له إلاّ بلحاظ إعجابه بما يروم ارتكابه من العبادة وإعظامها.

وكيف ما كان ، فما صنعه في المتن من الاحتياط الاستحبابي في مبطلية العجب المقارن حسن ، حذراً عن مخالفة مَن ذهب إلى الإبطال على ما حكاه في الجواهر (٣) عن بعض مشايخه.

__________________

(١) الأحزاب ٣٣ : ٣٣.

(٢) البقرة ٢ : ٢٦٤.

(٣) الجواهر ٢ : ١٠٠.

۵۲۴