وهاتان هما العمدة في مدرك المشهور مؤيداً ببعض الأخبار ممّا تقدم وغيره.
وبإزائهما صحيحة علي بن جعفر عن أخيه موسى قال : « سألته عن الرجل يصلي من الفريضة ما يجهر فيه بالقراءة هل عليه أن لا يجهر؟ قال : إن شاء جهر وإن شاء لم يفعل » (١).
وقد استدل بها صاحب المدارك (٢) على عدم الوجوب ، وبها رفع اليد عن الصحيحتين المتقدمتين وحملهما على الاستحباب ، وقال أنّها أظهر سنداً ودلالة فلا وجه لحملها على التقية ، بل مقتضى الجمع العرفي بينها وبين تينك الصحيحتين الحمل على الاستحباب كما اختاره المرتضى قدسسره.
وأجاب عنها المتأخرون : بإعراض الأصحاب عنها ، فليست بحجة في نفسها حتى تصلح للمعارضة. وهذا الجواب كما ترى لا يتم على مسلكنا من عدم قادحية الاعراض.
فيبقى الكلام في وجه الجمع بعد البناء على حجيتها في نفسها ، وهل ذلك بالحمل على الاستحباب كما صنعه صاحب المدارك؟
الظاهر لا ، لتضمن الصحيحتين المتقدمتين الأمر بالإعادة منطوقاً ، ومفهوماً على وجه وقد ذكرنا غير مرّة أنّه ليس حكماً تكليفياً وإنّما هو إرشاد إلى الفساد وعدم سقوط الأمر الأوّل ، فوجوب الإعادة بحكم العقل ، وواضح أنّه لا معنى لاستحباب الفساد. فالصحيحتان غير قابلتين للحمل على الاستحباب بل هما كالصريح في الوجوب.
ومن ذلك تعرف أنّ ما ذكره في المدارك من أنّ صحيحة علي بن جعفر أقوى دلالة غير واضح. بل هما متكافئتان في ميزان الدلالة فكما أنّ هذه
__________________
(١) الوسائل ٦ : ٨٥ / أبواب القراءة في الصلاة ب ٢٥ ح ٦.
(٢) المدارك ٣ : ٣٥٧.