ينسب الخلاف إلاّ إلى السيد المرتضى (١) وابن الجنيد قدسسرهما (٢) فذهبا إلى استحباب الجهر وعدم وجوبه ، بل صرّح السيد المرتضى بتأكد الاستحباب للأمر بالإعادة لو أخل به في بعض الأخبار ، واختاره من المتأخرين صاحب المدارك (٣) وتبعه السبزواري (٤) ، ومال إليه بعض آخر. ومحل الكلام هو الرجال وأمّا النساء فسيأتي حكمها.
واستدل للمشهور بوجوه كلها ضعيفة ما عدا صحيحتين لزرارة سنذكرهما.
فمنها : السيرة الجارية على مراعاة الجهر في الموارد المذكورة المتصلة بزمان المعصومين : ولا بدّ من التأسي بهم.
وفيه : أنّ السيرة كفعل المعصومين : لا يدل على الوجوب بل غايته الرجحان. وأمّا دليل التأسي من قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم « صلّوا كما رأيتموني أُصلِّي » (٥) فلم يثبت من طرقنا ، مضافاً إلى النقاش في الدلالة كما مرّ مراراً.
ومنها : رواية الفضل بن شاذان الواردة في علة الجهر في بعض الصلوات من أنّها في أوقات مظلمة فيجهر ليعلم المارّ أنّ هناك جماعة (٦).
وفيه : أنّها واردة في مقام حكم آخر ، فلا تدل على وجوب الجهر أو استحبابه بالمعنى الاصطلاحي المبحوث عنه في المقام كما لا يخفى.
__________________
(١) حكاه عنه في المعتبر ٢ : ١٧٦.
(٢) حكاه عنه في المختلف ٢ : ١٧٠.
(٣) المدارك ٣ : ٣٥٨.
(٤) الذخيرة : ٢٧٤ السطر ٢٢.
(٥) صحيح البخاري ١ : ١٦٢ ، السنن الكبرى ٣ : ١٢٠.
(٦) الوسائل ٦ : ٨٢ / أبواب القراءة في الصلاة ب ٢٥ ح ١.