وأمّا حكمه تشريعاً ، فلا ينبغي التأمل في حرمته ، لأوله إلى هتك حرمة المولى وتحقير نعمه ، إذ المعجب بعمله يرى نفسه غير مقصّر تجاه نعم ربّه ، لأنّه قد أتى بما يساويها أو يزيد عليها ، فلا يرى والعياذ بالله فضلاً له تعالى عليه ، وهو من أعظم الكبائر والجرائم (١).
على أنّ النصوص الكثيرة وفيها المعتبرة قد دلت على الحرمة.
فمنها : ما رواه الكليني بإسناده ، عن أبي عبيدة عن أبي جعفر عليهالسلام « قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال الله تعالى : إنّ من عبادي المؤمنين لمن يجتهد في عبادتي ، فيقوم من رقاده ولذيذ وساده فيجتهد لي الليالي فيتعب نفسه في عبادتي فأضربه بالنعاس الليلة والليلتين ، نظراً منّي له وإبقاءً عليه ، فينام حتى يصبح فيقوم وهو ماقت لنفسه زارئ عليها ، ولو أُخلّي بينه وبين ما يريد من عبادتي لدخله العجب من ذلك ، فيصيّره العجب إلى الفتنة بأعماله ، فيأتيه من ذلك ما فيه هلاكه لعجبه بأعماله ورضاه عن نفسه ، حتى يظنّ أنّه قد فاق العابدين وجاز في عبادته حدّ التقصير فيتباعد منِّي عند ذلك وهو يظن أنّه يتقرّب إليّ » (٢).
__________________
(١) هذا وجيه لو أُريد بالعجب ذلك ، دون ما كان خارجاً عن الاختيار ممّا لا يصح تعلّق التكليف به ، كالذي يعرض في الأثناء من الهواجس والخواطر أو الاعتقاد الراسخ الناشئ من ضم الصغرى إلى الكبرى ، وإن كان مخطئاً في الاستنتاج لاستناد مبادئه إلى نوع من الجهل والغرور ، فإنّه بهذا المعنى صفة نفسانية غير مسبوقة بالعزم والإرادة لتقع مورداً للتكليف ، وعليه يبتني ما اختاره المحقق الهمداني قدسسره من إنكار الحرمة كما صرّح به في كتاب الطهارة من مصباح الفقيه : [ ١٢٣ ، السطر ٦ ]. واختاره ( دام ظله ) هناك [ شرح العروة ٦ : ٢٠ ].
(٢) الوسائل ١ : ٩٨ / أبواب مقدمة العبادات ب ٢٣ ح ١ ، الكافي ٢ : ٦٠ / ٤.