وأمّا إلحاق ليلة الجمعة ، فلم يظهر له وجه أصلاً بعد وضوح عدم صدق اليوم على الليلة.
فاتضح أنّ الأقوى ما عليه المشهور من اختصاص الحكم بصلاة الجمعة وظهرها.
الجهة الثالثة : هل يختص الحكم بجواز العدول إلى الجمعة والمنافقين بما إذا لم يتجاوز النصف ، فبعد التجاوز لا يجوز العدول إليهما كما لا يجوز إلى غيرهما ، أو يعمّ الحكم صورة التجاوز أيضاً؟
يقع الكلام تارة في العدول عن غير الجحد والتوحيد ، وأُخرى في العدول عنهما.
أمّا الأوّل : فقد عرفت أنّ التحديد بعدم تجاوز النصف لم ينهض عليه دليل معتبر عدا الإجماع ، وهو لو تمّ دليل لبيّ يقتصر على المتيقن منه ، وهو العدول إلى غير الجمعة والمنافقين ، وأمّا فيهما فلم يعلم بتحققه ، ولو سلّم قيام دليل لفظي معتبر عليه وكان له إطلاق ، أو بنينا على التحديد بالثلثين كما نطق به موثق عبيد المتقدم (١) واختاره كاشف الغطاء ، وعرفت أنّه الأقوى ، فالنسبة بين هذه الموثقة أو ذاك الدليل اللفظي لو كان ، وبين ما دل على جواز العدول إلى الجمعة والمنافقين من الروايات المتقدمة عموم من وجه ، إذ مقتضى إطلاق الأوّل المنع عن العدول بعد تجاوز النصف أو بعد بلوغ الثلثين إلى أيّ سورة سواء أكانت الجمعة والمنافقين أم غيرهما ،
ومقتضى إطلاق الثاني جواز العدول إليهما سواء أكان قبل تجاوز النصف أو الثلثين أم بعدهما ، فيتعارضان في مادة الاجتماع وهي العدول إلى السورتين بعد تجاوز النصف أو الثلثين ، وبعد التساقط يرجع إلى الأصل أو عموم ما دلّ على
__________________
(١) في ص ٣٤٩.