إنّما الكلام في المورد الذي لا يجوز فيه العدول ، فإنّه المحتاج إلى الدليل لكونه على خلاف الأصل كما عرفت ، والأقوال فيه أربعة :

أحدها : ما عن الصدوق (١) وتبعه بعض من تحديد ذلك بعدم بلوغ النصف فلا يجوز العدول إذا بلغ نصف السورة.

الثاني : ما هو المشهور بين الأصحاب قديماً وحديثاً ، بل ادعي عليه الإجماع في كثير من الكلمات من تحديده بعدم تجاوز النصف فيجوز مع بلوغ النصف وإنّما يمنع إذا جاوزه وأخذ في النصف الآخر.

الثالث : ما هو المحكي عن كشف الغطاء (٢) من التحديد ببلوغ ثلثي السورة.

الرابع : ما اختاره في الحدائق (٣) من جواز العدول مطلقاً من غير تحديد بحد.

أمّا القول الأوّل : فليس له مستند ظاهر ، ولم ينقل عليه الإجماع ، نعم يوافقه الفقه الرضوي (٤) ، لكن الإشكال في اعتباره معلوم كما تكرر غير مرّة ، فلا يمكن الاعتماد عليه. على أنّه معارض ببعض النصوص المصرّح فيها بجواز العدول مع بلوغ النصف ، كصحيحة علي بن جعفر عن أخيه عليه‌السلام قال : « سألته عن الرجل أراد أن يقرأ سورة فقرأ غيرها ، هل يصلح له أن يقرأ نصفها ثم يرجع إلى السورة التي أراد؟ قال : نعم ... » إلخ (٥) فإنّها وإن رويت بطريق ضعيف لمكان عبد الله بن الحسن ، لكن صاحب الوسائل رواها أيضاً عن كتاب علي بن‌

__________________

(١) الفقيه ١ : ٢٠١.

(٢) كشف الغطاء : ٢٣٥ السطر ٣٥.

(٣) الحدائق ٨ : ٢١٥.

(٤) فقه الرضا عليه‌السلام : ١٣٠.

(٥) الوسائل ٦ : ١٠٠ / أبواب القراءة في الصلاة ب ٣٥ ح ٣.

۵۲۴