أمّا الأوّل : فلا إشكال في عدم الاعتناء والبناء على أنّه لم يعيّن غيرها ، كما نبّه عليه في المسألة الخامسة عشرة ، عملاً بقاعدة التجاوز لرجوع الشك حينئذ إلى وجود الجزء وعدمه ، وأنّه هل بسمل لهذه السورة أو لا ، ولا فرق في جريان القاعدة بين الجزء وبين جزء الجزء كما حرّر في محله (١).
وأمّا الثاني : فله فروض ثلاثة ، إذ قد يكون الترديد بين سورتين غير الجحد والتوحيد ، وأُخرى بينهما خاصّة ، وثالثة بين سورة أُخرى وإحدى هاتين السورتين.
أمّا الفرض الأوّل : فليس له الاجتزاء بتلك البسملة ، إذ لو أتى بأيّ من السورتين يشك في وقوع البسملة لها فلا يحصل اليقين بامتثال السورة التامّة فلا بدّ من إعادتها والإتيان بأيّ سورة أراد ، عملاً بقاعدة الاشتغال وتحصيلاً لليقين بالفراغ ، وهذا ظاهر.
وأما في الفرض الثاني : فليس له إعادة البسملة للعلم التفصيلي بعدم الأمر بها ، لأنّه لو أعادها لإحداهما فامّا أنّها تكون هي التي بسمل لها أوّلاً فقد سقط أمرها بالامتثال ، أو غيرها فلا أمر بها ، لعدم جواز العدول من إحداهما إلى الأُخرى ، كما ليس له قراءة إحداهما ، لعدم الجزم بوقوع البسملة لها ، فلم يحرز الإتيان بالسورة التامّة ، ولا قراءة سورة أُخرى غيرهما لعدم جواز العدول عنهما ، فلا مناص له من قراءة السورتين معاً مقتصراً على البسملة السابقة قاصداً الجزئية بإحداهما المعيّنة واقعاً ، ومعه يقطع بحصول السورة التامة ، ولا محذور فيه ،
عدا توهّم القرآن بين السورتين. وفيه : مضافاً إلى أنّ الأقوى عدم حرمته بل غايته الكراهة كما مرّ ، أنّ الممنوع منه حرمة أو كراهة إنّما هو صورة التمكّن من إتمام السورة الواحدة والاجتزاء بها ، فلا يشمل المقام الذي لا يتيسر ذلك كما عرفت.
__________________
(١) مصباح الأُصول ٣ : ٢٩٧.