لكونه زيادة عمدية في المكتوبة وهي مبطلة ، فكيف يجتمع ذلك مع الأمر بالمضي في الصلاة ، وهل ذلك إلاّ أمر بالمتضادين. فنفس الأمر بالسجود يقتضي البطلان سواء أسجد أم لا ، لانتفاء الأمر بالإتمام معه. وهذا نظير ما إذا وجب ارتكاب أحد المفطرات على الصائم كالارتماس لإنقاذ الغريق أو القيء لأكل المغصوب أو الوطء لمضي أربعة أشهر ، أو غير ذلك ، فكما لا يجتمع الأمر بإتمام الصوم مع الأمر بما يبطله ، ولذا يحكم ببطلان الصوم بلا إشكال سواء ارتكب تلك المفطرات أم لا ، فكذا في المقام.
وفيه : أنّه يمكن تصحيح الأمر بالضدّين بنحو الترتب كما حقق في الأُصول (١) فيؤمر أوّلاً بالسجود للتلاوة ، وعلى تقدير العصيان يؤمر بإتمام الصلاة ، وإنّما لا يجري هذا في مورد التنظير لعدم صحة الترتب هناك ، إذ يشترط في مورده أن يكون من الضدين اللذين لهما ثالث بحيث يمكن امتثال الأمر بالمهم وعدمه في ظرف عصيان الأهم ، وأمّا الذي يدور أمره بين الوجود والعدم كالنقيضين أو الضدين اللذين لا ثالث لهما فلا يعقل فيه الترتب ، إذ فرض عدم أحدهما مساوق لفرض وجود الآخر ، ومعه لا معنى لتعلق الأمر ، فكما لا يمكن أن يقال افعل وإلاّ فلا تفعل ، أو تحرّك وإلاّ فأسكن أو بالعكس ، لأنّ وجود أحدهما في ظرف عدم الآخر ضروري لا يصح تعلق التكليف به ، فكذا لا يمكن أن يقال في مورد التنظير كل وإلاّ فلا تأكل ، أو يجب القيء وإلاّ فيحرم ويجب المضي في الصوم.
نعم ، نظير المقام ما إذا لم يتعلق الأمر بذات المبطل ، بل بعنوان الابطال ، كما لو وجب السفر على الصائم لجهة من الجهات فإنّه يؤمر أوّلاً بإبطال صومه بالسفر وعلى تقدير العصيان يؤمر بالمضي في الصوم ، فانّ السفر ليس من
__________________
(١) محاضرات في أُصول الفقه ٣ : ١٠٢.