فالإنصاف : أنّ دلالة الصحيحة على الوجوب تامة. نعم ، يستفاد منها أنّ وجوب السورة ليس على حذو سائر الأجزاء ، بل هي دونها في الاهتمام والعناية بشأنها ولذا يسقط وجوبها بمجرّد الاستعجال العرفي لأمر دنيوي أو أُخروي ولا يناط ذلك بالبلوغ حدّ الضرر أو العسر والحرج كما في سائر الواجبات وهذا المعنى غير قابل للإنكار كما تشهد به سائر الأخبار ، لكنه لا ينافي أصل الوجوب ولزوم الإتيان بها عند عدم الاستعجال ، وإن كانت مرتبته ضعيفة كما لا يخفى.

ومنها : صحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام « قال : يجوز للمريض أن يقرأ في الفريضة فاتحة الكتاب وحدها ، ويجوز للصحيح في قضاء صلاة التطوّع بالليل والنهار » (١). فانّ التقييد بالمريض يدل على عدم جواز الاقتصار على الفاتحة في حال الصحة.

وأُورد عليه : بأنّ مفهوم الوصف ليس بحجة ، ومن الجائز أن تكون النكتة في التعرض للمريض بخصوصه عدم تأكد الاستحباب في حقه.

ويندفع : بما حققناه في الأُصول (٢) من ثبوت المفهوم له لا بالمعنى المصطلح أعني الانتفاء عند الانتفاء ، بل بمعنى عدم كون الطبيعي على إطلاقه وسريانه موضوعاً للحكم ، وإلاّ كان التقييد لغواً محضاً ، وعليه فتدل الصحيحة بمقتضى المفهوم على أنّ الموضوع لجواز الاقتصار على الفاتحة ليس هو مطلق المكلّفين وأنّ السورة واجبة على بعضهم في الجملة وهو المطلوب ، إذ لا ندعي وجوبها على الإطلاق ، ولذا ذكرنا آنفاً سقوطها لدى الاستعجال.

__________________

(١) الوسائل ٦ : ١٣٠ / أبواب القراءة في الصلاة ب ٥٥ ح ١.

(٢) الذي حققه ( دام ظله ) في الأُصول حسما ضبطناه عنه وأثبته في المحاضرات ج ٥ ص ١٢٧ هو اختصاص المفهوم بالوصف المعتمد على الموصوف دون غير المعتمد كما في المقام ، فإنّه ملحق باللقب وخارج عن محل الكلام.

۵۲۴