عن الآخر كان تامّ الداعوية وصالحاً للتحريك ، وإن كان التأثير الفعلي مستنداً إلى مجموع الأمرين لا خصوص كل منهما من جهة استحالة توارد علّتين على معلول واحد.
الثالثة : أن يكون الداعي الإلهي أصيلاً والريائي تابعاً.
الرابعة : عكس ذلك.
لا ريب في البطلان في الصورة الاولى ، من جهة الإخلال بقصد التقرب المعتبر في صحّة العبادة ، إذ المعتبر فيها أن يكون الانبعاث نحو العمل عن قصد الأمر ، والمفروض في المقام عدمه ، لقصور هذا الداعي عن صلاحية الدعوة في حدّ نفسه على الفرض ، فالبطلان في هذه الصورة على طبق القاعدة ولو لم يكن نص في البين ، كما لا ريب في البطلان في الصورة الأخيرة كما هو واضح.
وأمّا الصورة الثانية ، فمقتضى القاعدة الصحة ، إذ لا يعتبر في اتصاف العمل بالعبادية أكثر من صدوره عن داعٍ قربي مستقل في الداعوية في حدّ نفسه المتحقق في الفرض ، ولم يعتبر عدم اقترانه بداع آخر ولو كان مستقلا في الدعوة ، فالمناط بلوغ الباعث الإلهي حدّا يصلح للدعوة التامّة من دون قصور فيها ، سواء اقترن بداع آخر أم لا.
ومن هنا يحكم بصحة الغسل مثلاً ولو كان قاصداً للتبريد أيضاً ، على نحو يكون كل منهما في حدّ نفسه مستقلا في التحريك ، كما يحكم بصحة الصوم ممّن له كرامة في المجتمع بحيث لا يكاد يتجاهر بالإفطار في شهر رمضان ولو لم يكن هناك رادع إلهي ، تحفظاً على كرامته ومقامه.
وبالجملة : حيث إنّ الضميمة المزبورة لا ينثلم بها قصد التقرب المعتبر في العبادة ، ولا توجب خللاً في صدق الطاعة ، فمقتضى القاعدة الصحة في هذه الصورة.