وإن بنينا على صحته كما هو الأقوى من جهة وقوع النوفلي في أسانيد تفسير القمي ، فقد يتوهم جريان التخيير المزبور حينئذ أيضاً ، باعتبار تساقط الدليلين بعد المعارضة ، فيرجع إلى أصالة البراءة عن كل من الخصوصيتين فينتج التخيير.

لكنه غير تام ، لعدم صلاحية هذه الرواية للمعارضة مع دليل اعتبار القيام فانّ موردها خاص بالمتمكن من القيام والاستقرار ، وإنّما يريد باختياره المشي والتقدم إلى مكان آخر لغاية ككونه أفضل ، كما قد يتفق في الحرم الشريف فيتقدم ليكون أقرب إلى الضريح المقدس مثلاً ، فحكم عليه‌السلام بالكف ولزوم مراعاة الاستقرار في مثل هذه الصورة ، فلا تدل على لزوم رعايته حتى في مثل المقام الذي لم يتمكن فيه من القيام لو أراد الاستقرار.

وبالجملة : لا تدل هذه الرواية على اعتبار الاستقرار حتى مع العجز عن القيام ، لأنّ موردها التمكن منه ، بخلاف دليل اعتبار القيام فإنّ إطلاقه يشمل صورة العجز عن الاستقرار فهو المحكّم ، فلأجله يحكم بتقديم القيام في المقام وإن أخلّ بالاستقرار.

وربما يستدل على هذا الحكم : برواية سليمان بن حفص المروزي قال : قال الفقيه عليه‌السلام « المريض إنّما يصلي قاعداً إذا صار بالحال التي لا يقدر فيها على أن يمشي مقدار صلاته إلى أن يفرغ قائماً » (١).

وكلمة « أن يمشي » بعد قوله « صار » الموجودة في الوسائل مستدرك ، والصحيح حذفها كما في التهذيب (٢) ، لإخلالها بالمعنى وعدم استقامتها كما لا يخفى.

وكيف كان ، فقد قيل إنّ مفاد الرواية أنّ الانتقال إلى الصلاة جالساً إنّما هو‌

__________________

(١) الوسائل ٥ : ٤٩٥ / أبواب القيام ب ٦ ح ٤.

(٢) التهذيب ٣ : ١٧٨ / ٤٠٢.

۵۲۴