بعد ملاحظة حديث لا تعاد ، وكذا الحال في القيام الركني ، فانّ المتصل منه بالركوع قد عرفت عدم وجوبه مستقلا ، وإنّما اعتبر من أجل الدخل في حقيقة الركوع وتقوّمه به ، ومن الظاهر أنّ الذي يتوقف عليه مفهومه إنّما هو جامع القيام ، فلا يعتبر فيه الانتصاب ولا الاستقرار ولا الاستقلال ، لعدم دخل شيء منها في مفهوم القيام. نعم ، ثبت اعتبار الانتصاب في مثل هذا القيام أيضاً بإطلاق الأدلة كما تقدّم (١) ، فلا يجوز الإخلال به عمداً ، وأمّا مع السهو فلا بأس به عملاً بحديث لا تعاد.
وأمّا الاستقرار ، فقد عرفت عدم الدليل على اعتباره في مثل هذا القيام فيجوز الإخلال به حتى مع العمد ، فمع السهو بطريق أولى. وعلى فرض اعتباره في حال العمد فينتفي اعتباره عند السهو بالحديث المزبور.
وأمّا الاستقلال ، فقد مرّ عدم وجوبه رأساً (٢) ، وعلى القول بالوجوب فينتفي اعتباره عند النسيان بحديث لا تعاد. فاتّضح عدم قدح الإخلال السهوي بشيء من هذه الأُمور. نعم ، لو قلنا بدخلها في حقيقة القيام اتجه البطلان حينئذ لأدائها إلى الإخلال بالركوع المستثنى من حديث لا تعاد ، لكن المبنى في حيّز المنع كما أشرنا إليه.
وأمّا القيام حال تكبيرة الإحرام ، فقد سبق في محلّه أنّ الركن إنّما هو ذات القيام ، وأمّا هذه الأُمور فهي واجبات في القيام ولا دخل لها في حقيقة الركن وعليه فالإخلال بشيء منها سهواً مشمول لحديث لا تعاد (٣).
وممّا ذكرنا ظهر التناقض بين ما أفاده قدسسره في المقام من الصحة لو
__________________
(١) في ص ١٠٩ ، ١٨٤.
(٢) في ص ١٨٤.
(٣) لاحظ ص ١١٢.