وفي المقام لا شك في الحكم للقطع باخفات الست وخروجها عن دليل الإجهار في الصلاة ، وإنّما الشك في أنّها من الصلاة كي يكون خروجها عن ذاك الدليل من باب التخصيص ، أم ليست منها لكون الأخيرة هي الإحرام ، كي يكون خروجها من باب التخصص ، فهو نظير ما إذا ورد أكرم العلماء وعلمنا من الخارج أن زيداً لا يجب إكرامه ، ولم نعلم أنّه عالم كي يكون خروجه للتخصيص أم جاهل كي يكون للتخصص ، فكما أنّ أصالة العموم لا تجري لإثبات حاله وأنّه جاهل لعدم الشك في المراد ، فكذا لا تجري في المقام حتى يثبت بها أنّ الإحرام هي الأخيرة.

وفيه : أنّ الكبرى المذكورة وإن صحّت لكنها غير منطبقة على المقام لحصول الشك هنا في الحكم كالموضوع ، فلا يعلم المراد أيضاً لإجمال المفهوم فهو كما لو علمنا بعدم وجوب إكرام زيد بعد ورود الأمر بإكرام العلماء وتردد زيد بين شخصين أحدهما عالم والآخر جاهل ، ولم يعلم أنّ المراد به الأوّل كي يكون الخروج تخصيصاً أم الثاني كي يكون تخصصاً ، ولا شك أنّ المرجع في مثله أصالة العموم ، لعدم العلم بورود التخصيص على عموم إكرام العلماء كي يخرج عنه زيد العالم ، فيتمسك بأصالة عدم التخصيص ويثبت بها أنّ الخارج هو زيد الجاهل ، لحجية مثبتات الأُصول اللفظية.

والمقام من هذا القبيل ، فانّ المراد من الست المحكومة بالإخفات مردد بين الواقع قبل التكبيرة كي يكون خروجها عن دليل الإجهار في الصلاة من باب التخصص ، والواقع بعدها كي يكون من التخصيص ، فهو مجمل مردّد بين فردين وفي مثله يتمسك بأصالة العموم في دليل الإجهار للشك في ورود التخصيص عليه ، ويثبت بها أنّ المراد هي الست الواقعة قبل التكبيرة ، فينتج أنّ تكبيرة الإحرام هي الأخيرة ، لما عرفت من حجية مثبتات الأُصول اللفظية.

إلاّ أنّ أصالة العموم في دليل الإجهار في الصلاة تعارضها أصالة الإطلاق‌

۵۲۴