ولما ذكرنا لم نر أحدا من العلماء قدّم الاستصحاب على أمارة مخالفة له مع اعترافه بحجّيّتها لو لا الاستصحاب ، لا في الأحكام ولا في الموضوعات.

وأمّا ما استشهد به قدس‌سره ـ من عمل بعض الأصحاب بالاستصحاب في مال المفقود ، وطرح ما دلّ على وجوب الفحص أربع سنين والحكم بموته بعده ـ فلا دخل له بما نحن فيه ؛ لأنّ تلك الأخبار ليست أدلّة في مقابل استصحاب حياة المفقود ، وإنّما المقابل له قيام دليل معتبر (١) على موته ، وهذه الأخبار على تقدير تماميّتها مخصّصة لعموم أدلّة الاستصحاب ، دالّة على وجوب البناء على موت المفقود (٢) بعد الفحص ، نظير ما دلّ على وجوب البناء على الأكثر مع الشكّ في عدد الركعات ، فمن عمل بها خصّص بها عمومات الاستصحاب ، ومن طرحها ـ لقصور فيها ـ بقي أدلّة الاستصحاب عنده على عمومها.

المراد من «الأدلّة الاجتهاديّة» و «الاصول»

ثمّ المراد بالدليل الاجتهاديّ : كلّ أمارة اعتبرها الشارع من حيث إنّها تحكي عن الواقع وتكشف عنه بالقوّة ، وتسمّى في نفس الأحكام «أدلّة اجتهاديّة» وفي الموضوعات «أمارات معتبرة» ، فما كان ممّا نصبه الشارع غير ناظر إلى الواقع ، أو كان ناظرا لكن فرض أنّ الشارع اعتبره لا من هذه الحيثيّة ، بل من حيث مجرّد احتمال مطابقته للواقع ، فليس اجتهاديّا ، بل (٣) هو من الاصول ، وإن كان مقدّما على

__________________

(١) في نسخة بدل (ص) زيادة : «كالبيّنة».

(٢) لم ترد «وإنّما المقابل ـ إلى ـ موت المفقود» في (ظ).

(٣) في غير (ص) بدل «بل» : «و».

۴۳۹۱