بنقيض ذلك القيد اختلف موضوع المسألتين ، فالذي سمّوه استصحابا راجع في الحقيقة إلى إسراء حكم موضوع إلى موضوع آخر متّحد معه في الذات مختلف معه في الصفات ، ومن المعلوم عند الحكيم أنّ هذا المعنى غير معتبر شرعا وأنّ القاعدة الشريفة المذكورة غير شاملة له.
وتارة : بأنّ استصحاب الحكم الشرعيّ ، وكذا الأصل ـ أي الحالة التي إذا خلّي الشيء ونفسه كان عليها ـ إنّما يعمل بهما ما لم يظهر مخرج عنهما ، وقد ظهر في محلّ النزاع ؛ لتواتر الأخبار : بأنّ كلّ ما يحتاج إليه الأمّة ورد فيه خطاب وحكم حتّى أرش الخدش (١) ، وكثير ممّا ورد مخزون عند أهل الذكر : ، فعلم أنّه ورد في محلّ النزاع أحكام لا نعلمها بعينها ، وتواتر الأخبار بحصر المسائل في ثلاث : بيّن رشده ، وبيّن غيّه ـ أي مقطوع فيه ذلك ، لا ريب فيه ـ ، وما ليس هذا ولا ذاك ، وبوجوب التوقّف في الثالث (٢) ، انتهى.
المناقشة فيما أفاده المحدّث الأسترابادي
أقول : لا يخفى أنّ ما ذكره أوّلا قد استدلّ به كلّ من نفى الاستصحاب من أصحابنا ، وأوضحوا ذلك غاية الإيضاح ، كما يظهر لمن راجع الذريعة (٣) والعدّة (٤) والغنية (٥) وغيرها (٦) ، إلاّ أنّهم منعوا من إثبات
__________________
(١) الوسائل ١٩ : ٢٧٢ ، الباب ٤٨ من أبواب ديات الأعضاء ، الحديث الأوّل ، وراجع لتفصيل الروايات ، البحار ٢٦ : ١٨ ـ ٦٦ ، باب جهات علومهم ....
(٢) الفوائد المكّية (مخطوط) : الورقة ١٠٣.
(٣) الذريعة ٢ : ٨٣٠.
(٤) العدة ٢ : ٧٥٧.
(٥) الغنية (الجوامع الفقهيّة) : ٤٨٦.
(٦) انظر المعتبر ١ : ٣٢.