واخرى : بأنّ غرضه من دلالة الدليل على الدوام ، كونه بحيث لو علم أو ظنّ وجود المدلول في الزمان الثاني أو الحالة الثانية لأجل موجب لكان حمل الدليل على الدوام ممكنا ، والإجماع ليس كذلك ؛ لأنّه يضادّ الخلاف ، فكيف يدلّ على كون المختلف فيه مجمعا عليه؟ كما يرشد إليه قوله : «والإجماع يضادّه نفس الخلاف ، إذ لا إجماع مع الخلاف ، بخلاف النصّ والعموم ودليل العقل ، فإنّ الخلاف لا يضادّه». ويكون غرضه من قوله : «فلا بدّ له من سبب» الردّ على من ادّعى أنّ علّة الدوام هو مجرّد تحقّق الشيء في الواقع ، وأنّ الإذعان به يحصل من مجرّد العلم بالتحقّق ، فردّ عليه : بأنّه ليس الأمر كذلك ، وأنّ الإذعان والظنّ بالبقاء لا بدّ له من أمر أيضا ، كعادة أو أمارة أو غيرهما (١) ، انتهى.
المناقشة في ما أفاده السيّد الصدر
أقول : أمّا الوجه الأوّل ، فهو كما ترى ؛ فإنّ التمسّك بالروايات ليس له أثر في كلام الخاصّة الّذين هم الأصل في تدوينها في كتبهم ، فضلا عن العامّة.
وأمّا الوجه الثاني ، ففيه : أنّ منشأ العجب من تناقض قوليه ؛ حيث إنّ ما ذكره في استصحاب حال الإجماع ـ من اختصاص دليل الحكم بالحالة الاولى ـ بعينه موجود في بعض صور استصحاب حال غير الإجماع ، فإنّه إذا ورد النصّ على وجه يكون ساكتا بالنسبة إلى ما بعد الحالة الاولى ، كما إذا ورد أنّ الماء ينجس بالتغيّر ، مع فرض عدم إشعار فيه بحكم ما بعد زوال التغيّر ، فإنّ وجود هذا الدليل ـ بوصف
__________________
(١) شرح الوافية (مخطوط) : ٣٤٤.