أنّ دلالة الرواية على طهارة مستصحب الطهارة غير دلالتها على اعتبار استصحاب الطهارة ، وإلاّ فقد أشرنا (١) إلى أنّ القاعدة تشمل مستصحب النجاسة أيضا ، كما سيجيء.

ونظير ذلك ما صنعه صاحب الوافية ؛ حيث ذكر روايات «أصالة الحلّ» الواردة في مشتبه الحكم أو الموضوع في هذا المقام (٢).

ثمّ على هذا ، كان ينبغي ذكر أدلّة أصالة البراءة ؛ لأنّها أيضا متصادقة مع الاستصحاب من حيث المورد.

فالتحقيق : أنّ الاستصحاب ـ من حيث هو ـ مخالف للقواعد الثلاث : البراءة ، والحلّ ، والطهارة ، وإن تصادقت مواردها.

الظاهر إرادة القاعدة

فثبت من جميع ما ذكرنا : أنّ المتعيّن حمل الرواية المذكورة على أحد المعنيين ، والظاهر إرادة القاعدة ـ نظير قوله عليه‌السلام : «كلّ شيء لك حلال» (٣) ـ ؛ لأنّ حمله على الاستصحاب وحمل الكلام على إرادة خصوص الاستمرار فيما علم طهارته سابقا خلاف الظاهر ؛ إذ ظاهر الجملة الخبريّة إثبات أصل المحمول للموضوع ، لا إثبات استمراره في مورد الفراغ عن ثبوت أصله.

نعم ، قوله : «حتّى تعلم» يدلّ على استمرار المغيّا ، لكن المغيّا به الحكم بالطهارة ، يعني : هذا الحكم الظاهري مستمرّ له إلى كذا ، لا أنّ الطهارة الواقعيّة المفروغ عنها مستمرّة ظاهرا إلى زمن العلم.

__________________

(١) راجع الصفحة ٧٣.

(٢) الوافية : ٢٠٧.

(٣) الوسائل ١٧ : ٩١ ، الباب ٦١ من أبواب الأطعمة المباحة ، الحديث ٢.

۴۳۹۱