[حجة القول الثاني](١)
الاستدلال على عدم الحجية مطلقا بوجوه :
احتجّ النافون بوجوه :
منها : ما عن الذريعة وفي الغنية ، من أنّ المتعلّق بالاستصحاب يثبت الحكم عند التحقيق من غير دليل.
١ ـ دعوى أنّ الاستصحاب إثبات للحكم من غير دليل
توضيح ذلك : أنّهم يقولون : قد ثبت بالإجماع على من شرع في الصلاة بالتيمّم وجوب المضيّ فيها قبل مشاهدة الماء ، فيجب أن يكون على هذا الحال بعد المشاهدة. وهذا منهم جمع بين الحالتين في حكم من غير دليل اقتضى الجمع بينهما ؛ لأنّ اختلاف الحالتين لا شبهة فيه ؛ لأنّ المصلّي غير واجد للماء في إحداهما وواجد له في الاخرى ، فلا يجوز التسوية بينهما من غير دلالة ، فإذا كان الدليل لا يتناول إلاّ الحالة الاولى ، وكانت الحالة الاخرى عارية منه ، لم يجز أن يثبت فيها مثل الحكم (٢) ، انتهى.
المناقشة في ذلك
أقول : إن كان محلّ الكلام فيما كان الشكّ لتخلّف وصف وجوديّ أو عدميّ متحقّق سابقا يشكّ في مدخليّته في أصل الحكم أو بقائه ، فالاستدلال المذكور متين جدّا ؛ لأنّ الفرض (٣) عدم دلالة دليل الحكم الأوّل ، وفقد دليل عامّ يدلّ على انسحاب كلّ حكم ثبت في الحالة
__________________
(١) العنوان منّا.
(٢) الذريعة ٢ : ٨٢٩ ـ ٨٣٠ ، والغنية (الجوامع الفقهيّة) : ٤٨٦ ، واللفظ للثاني.
(٣) في (ت) و (ص): «المفروض».