حجّة القول التاسع
التفصيل بين الشك في المقتضي والشك في الرافع
وهو التفصيل بين ما ثبت استمرار المستصحب واحتياجه في الارتفاع إلى الرافع ، وبين غيره : ما يظهر من آخر كلام المحقّق في المعارج ـ كما تقدّم في نقل الأقوال (١) ـ حيث قال :
ما استدلّ به في المعارج على هذا القول
والذي نختاره أن ننظر في دليل ذلك الحكم ، فإن كان يقتضيه مطلقا وجب الحكم باستمرار الحكم ، كعقد النكاح فإنّه يوجب حلّ الوطء مطلقا ، فإذا وجد الخلاف في الألفاظ التي يقع بها الطلاق ، فالمستدلّ على أنّ الطلاق لا يقع بها لو قال : «حلّ الوطء ثابت قبل النطق بها فكذا بعده» كان صحيحا ؛ فإنّ المقتضي للتحليل ـ وهو العقد ـ اقتضاه مطلقا ، ولا يعلم أنّ الألفاظ المذكورة رافعة لذلك الاقتضاء ، فيثبت الحكم عملا بالمقتضي.
لا يقال : إنّ المقتضي هو العقد ، ولم يثبت أنّه باق ، فلم يثبت الحكم.
لأنّا نقول : وقوع العقد اقتضى حلّ الوطء لا مقيّدا ، فيلزم دوام الحلّ ؛ نظرا إلى وقوع المقتضي ، لا إلى دوامه ، فيجب أن يثبت الحلّ حتّى يثبت الرافع. فإن كان الخصم يعني بالاستصحاب ما أشرنا إليه فليس ذلك عملا بغير دليل ، وإن كان يعني أمرا آخر وراء هذا فنحن مضربون عنه (٢) ، انتهى.
__________________
(١) راجع الصفحة ٥١ ـ ٥٢.
(٢) المعارج : ٢٠٩ و ٢١٠.