إنّ استصحاب الحكم المخالف للأصل في شيء ، دليل شرعيّ رافع لحكم الأصل ، ومخصّص لعمومات الحلّ ـ إلى أن قال في آخر كلام له سيأتي نقله (١) ـ : وليس عموم قولهم : : «لا تنقض اليقين بالشكّ» بالقياس إلى أفراد الاستصحاب وجزئيّاته ، إلاّ كعموم آية النبأ بالقياس إلى آحاد الأخبار المعتبرة (٢) ، انتهى.

المناقشة فيما أفاده بحر العلوم

أقول : معنى الاستصحاب الجزئيّ في المورد الخاصّ ـ كاستصحاب نجاسة الماء المتغيّر ـ ليس إلاّ الحكم بثبوت النجاسة في ذلك الماء النجس سابقا ، وهل هذا إلاّ نفس الحكم الشرعي؟! وهل الدليل عليه إلاّ قولهم : : «لا تنقض اليقين بالشكّ» (٣)؟! وبالجملة : فلا فرق بين الاستصحاب وسائر القواعد المستفادة من العمومات.

هذا كلّه في الاستصحاب الجاري في الشبهة الحكميّة المثبت للحكم الظاهري الكلّي.

الاستصحاب الجاري في الشبهة الموضوعيّة

وأمّا الجاري في الشبهة الموضوعيّة ـ كعدالة زيد ونجاسة ثوبه وفسق عمرو وطهارة بدنه ـ فلا إشكال في كونه حكما فرعيّا ، سواء كان التكلّم فيه من باب الظنّ ، أم كان من باب كونها قاعدة تعبّديّة مستفادة من الأخبار ؛ لأنّ التكلّم فيه على الأوّل ، نظير التكلّم في اعتبار سائر الأمارات ، ك «يد المسلمين» و «سوقهم» و «البيّنة» و «الغلبة» ونحوها في الشبهات الخارجيّة. وعلى الثاني ، من باب أصالة الطهارة وعدم الاعتناء بالشكّ بعد الفراغ ، ونحو ذلك.

__________________

(١) انظر الصفحة ٢٧٦ و ٢٧٧.

(٢) فوائد السيد بحر العلوم : ١١٦ ـ ١١٧.

(٣) الوسائل ١ : ١٧٤ ، الباب ١ من أبواب نواقض الوضوء ، الحديث الأوّل.

۴۳۹۱