نجاسة لا يعلم سبقها على الكرّيّة وتأخّرها ، فإنّهم حكموا بأنّ استصحاب عدم الكريّة قبل الملاقاة الراجع إلى استصحاب عدم المانع عن الانفعال حين وجود المقتضي له ، معارض باستصحاب عدم الملاقاة قبل الكريّة.
ولا يخفى : أنّ الملاقاة معلومة ، فإن كان اللازم في الحكم بالنجاسة إحراز وقوعها في زمان القلّة ـ وإلاّ فالأصل عدم التأثير ـ لم يكن وجه لمعارضة الاستصحاب الثاني بالاستصحاب الأوّل ؛ لأنّ أصالة عدم الكرّيّة قبل الملاقاة (١) لا يثبت كون الملاقاة قبل الكرّيّة وفي زمان القلّة ، حتّى يثبت النجاسة ، إلاّ من باب عدم انفكاك عدم الكرّيّة حين الملاقاة عن وقوع الملاقاة حين القلّة ، نظير عدم انفكاك عدم الموت حين الإسلام لوقوع الموت بعد الإسلام ، فافهم.
الفرع الثالث
ومنها : ما في الشرائع والتحرير ـ تبعا للمحكيّ عن المبسوط ـ : من أنّه لو ادّعى الجاني أنّ المجنيّ عليه شرب سمّا فمات بالسمّ ، وادّعى الوليّ أنّه مات بالسراية ، فالاحتمالان فيه سواء.
وكذا الملفوف في الكساء إذا قدّة بنصفين ، فادّعى الوليّ أنّه كان حيّا ، والجاني أنّه كان ميتا ، فالاحتمالان متساويان.
ثمّ حكي عن المبسوط التردّد (٢).
وفي الشرائع : رجّح قول الجاني ؛ لأنّ الأصل عدم الضمان ، وفيه احتمال آخر ضعيف (٣).
__________________
(١) في (ت) ، (ر) ونسخة بدل (ص): «حين الملاقاة».
(٢) المبسوط ٧ : ١٠٦ ـ ١٠٧.
(٣) الشرائع ٤ : ٢٤١.