فجمعه هنا بين الوهم والظنّ ـ في نقل كلامهم ـ إشارةٌ إلى أنّ المراد من «الوهم» في كلامهم أيضاً الظنّ؛ إذ لا يجوز الإفطار مع ظنّ عدم الدخول قطعاً ، واللازم منه وجوب الكفّارة ، وإنّما يقتصر على القضاء لو حصل الظنّ ثمّ ظهرت المخالفة ، وإطلاق الوهم على الظنّ صحيحٌ أيضاً؛ لأنّه أحد معانيه لغةً (١).
لكن يبقى في كلامهم سؤال الفرق بين المسألتين؛ حيث حكموا مع الظنّ بأ نّه لا إفساد ، إلّا أن يفرّق بين مراتب الظنّ ، فيراد من «الوهم» أوّل مراتبه ، ومن «الظنّ» قوّة الرجحان ، وبهذا المعنى صرّح بعضهم (٢).
وفي بعض تحقيقات المصنّف على كلامهم : أنّ المراد من «الوهم» ترجيح أحد الطرفين لأمارةٍ غير شرعيّة ، ومن «الظنّ» الترجيح لأمارةٍ شرعيّة (٣) فشرّك بينهما في الرجحان ، وفرّق بما ذَكَر. وهو ـ مع غرابته ـ لا يتمّ؛ لأنّ الظنّ المجوِّز للإفطار لا يفرق فيه بين الأسباب المثيرة له. وإنّما ذكرنا ذلك للتنبيه على فائدة جمعه هنا بين الوهم والظنّ تفسيراً لقولهم.
واعلم أنّ قوله : «سواء كان مستصحب الليل أو النهار» جرى فيه على قول الجوهري : «سواءٌ عليَّ قمتَ أو قعدتَ» (٤) وقد عدّه جماعةٌ من النحاة ـ منهم ابن هشام في المغني (٥) ـ من الأغاليط ، وأنّ الصواب العطف بعد سواء ب «أم» بعد همزة التسوية ، فيقول : «سواء أكان كذا أم كذا» كما قال تعالى : (... سَوٰاءٌ عَلَيْهِمْ
____________________
(١) اُنظر الصحاح والقاموس ، (وهم).
(٢) وهو ابن إدريس في السرائر ١ : ٣٧٧ ـ ٣٧٨.
(٣) لم نقف عليه.
(٤) الصحاح ٦ : ٢٣٨٦ ، (سوا).
(٥) مغني اللبيب ١ : ٦٣.