أن تُستتمّ على عبدٍ؛ فإنّ فيضه غير متناهٍ كمّاً ولا كيفاً ، وفيها يتصوّر طلب تمام النعمة التي تصل إلى القوابل بحسب استعدادهم.
﴿ والحمد فضله ﴾ أشار (١) إلى العجز عن القيام بحقّ النعمة؛ لأنّ الحمد إذا كان من جملة فضله فيستحقّ عليه حمداً وشكراً ، فلا ينقضي ما يستحقّه من المحامد؛ لعدم تناهي نعمه.
و «اللام» في «الحمد» يجوز كونه : للعهد الذكري وهو المحمود به أوّلاً ، والذهني الصادر عنه أو عن جميع الحامدين ، وللاستغراق لانتهائه مطلقاً إليه بواسطةٍ أو بدونها فيكون كلّه قطرة من قطرات بحار فضله ونفحة (٢) من نفحات جوده ، والجنس وهو راجع إلى السابق باعتبار.
﴿ وإ يّاه أشكر ﴾ على سبيل ما تقدّم من التركيب المفيد لانحصار الشكر فيه ، لرجوع النعم كلّها إليه وإن قيل للعبد فعل اختياريّ؛ لأنّ آلاته وأسبابه التي يقتدر بها على الفعل لا بدّ أن ينتهى إليه ، فهو الحقيق بجميع أفراد الشكر. وأردف الحمد بالشكر مع أنّه لامحٌ له أوّلاً؛ للتنبيه عليه بالخصوصيّة ولمح تمام الآية (٣).
﴿ استسلاماً ﴾ أي انقياداً ﴿ لعزّته ﴾ وهي غايةٌ اُخرى للشكر كما مرّ ، فإنّ العبد يستعدّ بكمال الشكر لمعرفة المشكور ، وهي مستلزمة للانقياد لعزّته والخضوع لعظمته.
وهو ناظر إلى قوله تعالى : (وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذٰابِي لَشَدِيدٌ) (٤) لما تشتمل
____________________
(١) في (ر) : إشارة.
(٢) في (ع) ونسخة بدل (ش) : لمحة.
(٣) تمام الآية : (وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذٰابِي لَشَدِيدٌ).
(٤) إبراهيم : ٧.