وعلى حرف واحد فيشترط كونه مفهماً للمعنى ، هذا.
وغير خفي أنّ البحث عن هاتين الجهتين في المقام قليل الجدوى ولا طائل تحته ، ضرورة أنّ الكلام بعنوانه لم يكن موضوعاً للحكم في نصوص الباب كي يبحث عن حدوده وقيوده ، وتحليل ماهيته ، كما أنّه لم يكن مبدأ للمشتقّات ليكون معناه سارياً فيها ، فإنّه اسم مصدر ومشتق كغيره ، وإنّما الوارد في لسان الأخبار هو «تكلّم» ، «متكلِّم» ، «تكلّمت» ونحوها ، ومصدرها التكلّم ، ولا ريب في صدقه على الحرف الواحد الصادر من أيّ لافظ ولو غير شاعر من غير قصد التفهيم كالنائم والمغمى عليه والصبي ، فيقال من غير أيّة عناية أنّه تكلّم بكذا ، فلم يؤخذ في مفهومه العرفي لا التركيب ولا الوضع.
على أنّه تدل على البطلان في المهمل معتبرة طلحة بن زيد : «من أنّ في صلاته فقد تكلّم» (١).
فانّ الرجل وإن كان عاميا إلّا أنّ الشيخ قدسسره (٢) ذكر أنّ كتابه معتبر ، ولا معنى لاعتبار الكتاب إلّا كون صاحبه ممّن يعتمد عليه. فالسند إذن معتبر ، كما أنّ الدلالة أيضاً تامّة ، ضرورة أنّ الأنين الصادر من المريض غير مقصود به التفهيم ، فهو من التكلّم بالمهمل طبعاً.
وملخص الكلام : أنّ المأخوذ في نصوص المقام هو عنوان «التكلّم» وهو صادق حتّى لدى صدور حرف واحد كما يفصح عنه ما اشتهر في المحاورات من قولهم : لا أتكلّم معك حتّى بحرف واحد ، الكاشف عن أنّ الحرف الواحد أيضاً مصداق للتكلّم ، ومن ثمّ أُشير إلى الفرد الخفي منه ، فلا يعتبر في صدقه التعدّد فضلاً عن الوضع.
__________________
(١) الوسائل ٧ : ٢٨١ / أبواب قواطع الصلاة ب ٢٥ ح ٤.
(٢) الفهرست : ٨٦ / ٣٦٢.