الرابع : رفع الرأس منه (١).
وتقريب الاستدلال : ما عرفت في بحث الركوع من كونها إرشاداً إلى شرطية التمكن والاستقرار في تحقّق الركوع والسجود الشرعيين ، وتدل بالدلالة الالتزامية على اشتراطه في الذكر الواجب أيضاً ، للزوم إيقاع الذكر المأمور به فيهما ، فلا بدّ من استمرار الاستقرار فيهما واستدامته بمقدار يقع الذكر في محلِّه بل مقتضى هذا البيان اعتباره في الذكر المستحب أيضاً إذا قصد به الخصوصية بعين هذا التقريب ، كما نبّهنا عليه هناك ، وقد أشرنا إلى أنّ تفكيك الماتن بين المقام وما سبق بالجزم هنا والتوقف هناك في غير محله ، بل الأقوى اعتباره في المقامين لما ذكر.
(١) أي من السجدة الأُولى بلا خلاف ولا إشكال ، وإنّما خصّوا التعرّض به مع وضوح وجوب رفعه من السجدة الثانية أيضاً ، لعدم وقوع الخلاف في الثاني ، إذ يجب التشهّد ونحوه فلا بدّ من الرفع مقدّمة ، وأمّا الأوّل فقد خالف فيه العامّة ، فأنكره أبو حنيفة وذكر أنّه لو حفر حفيرة حال السجود فنقل جبهته إليها ، أو كان دون مسجد الجبهة مكان أخفض فجر الجبهة إليه بقصد السجدة الثانية كفى (١) ، فنبّهوا على وجوب رفع الرأس هنا طعناً عليه ورداً لمقالته.
ومنه تعرف أنّه ليس الوجه في وجوب هذا الرفع توقف صدق تعدّد السجدة عليه ، وأنّه بدونه يكون سجود واحد مستمر لإمكان صدق التعدّد بدونه أيضاً ، كما ذكر من النقل والتغيّر المساوق للتعدّد ، بل لروايات دلّت عليه كصحيحة حماد (٢) وغيرها فلاحظ.
__________________
(١) المجموع ٣ : ٤٤٠ ، المغني ١ : ٥٩٨ ، الخلاف ١ : ٣٦٠.
(٢) الوسائل ٥ : ٤٥٩ / أبواب أفعال الصلاة ب ١ ح ١.