التي كثر السؤال عنها في الأخبار لاختلاف الأنظار ، بل ذهاب عامّة المخالفين إلى الإنكار ، فإن أبا حنيفة قال : لا يقنت في شيء من الصلوات إلّا الوتر. وقال مالك والشافعي : لا يقنت في شيء من الصلوات المفروضة إلّا الصبح خاصّة (١).
ويرشدك إلى ذلك قوله عليهالسلام في ذيل المعتبرة : «فمن ترك القنوت رغبة عنه فلا صلاة له» إذ ليت شعري لو كان النظر معطوفاً إلى الوجوب فما هو الوجه في تخصيص الترك بالرغبة ، ضرورة أنّ مطلق ترك الجزء موجب للبطلان سواء أكان رغبة عنه أم لا. فالتقييد المزبور خير دليل على أنّ القنوت في نفسه مستحب وسنّة ، والّذي يقدح إنّما هو الإعراض عن هذه السنّة والرغبة عنها لا مجرد الترك.
وثانياً : بمعارضتها لروايتين : إحداهما : صحيحة سعد بن سعد الأشعري عن أبي الحسن الرِّضا عليهالسلام قال : «سألته عن القنوت هل يقنت في الصلوات كلّها أم فيما يجهر فيه بالقراءة؟ قال : ليس القنوت إلّا في الغداة والجمعة والوتر والمغرب» (٢).
ثانيتهما : موثقة يونس بن يعقوب قال : «سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن القنوت في أيّ الصلوات أقنت؟ فقال : لا تقنت إلّا في الفجر» (٣). حيث لم تذكر العشاء في الاولى مع أنّها أيضاً جهرية ولم يذكر من الجهرية في الثانية إلّا خصوص الفجر.
وثالثاً : بلزوم حملها على التقيّة بشهادة جملة من النصوص.
منها : موثقة أبي بصير قال : «سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن القنوت فقال : فيما يجهر فيه بالقراءة ، قال : فقلت له : إنِّي سألت أباك عن ذلك ، فقال : في
__________________
(١) المبسوط للسرخسي ١ : ١٦٥ ، المغني ١ : ٨٢٣ ، المجموع ٣ : ٤٩٤ ، ٥٠٤.
(٢) ، (٣) الوسائل ٦ : ٢٦٥ / أبواب القنوت ب ٢ ح ٦ ، ٧.