الفاحش ـ أي إلى اليمين أو إلى اليسار ـ قبل التشهّد ، لوقوعه حينئذ أثناء الصلاة. وهذا يكشف عن جزئية التشهّد ووجوبه لا محالة ، إذ لو لم يكن من أجزاء الصلاة وواجباتها لم يكن أيّ وجه للإعادة كما هو ظاهر. وأمّا ما تضمنته الصحيحة من عدم الإعادة لو كان الالتفات بعد التشهّد وعند التسليم فلعلّه من أجل أنّ السلام مخرج فلا يضر الالتفات عندئذ وإن كان فاحشاً. وكيف ما كان فهي صريحة الدلالة فيما نحن بصدده.
فهذه النصوص غير قاصرة الدلالة عن إفادة الوجوب ، وليست واردة في مقام حكم آخر بمثابة تمنع عن استفادة الوجوب.
نعم ، هناك روايات أُخر قد يظهر منها عدم الوجوب ، وهذا وإن لم يظهر له قائل كما عرفت ، إلّا أنّ الكلام يقع في مفاد تلك النصوص وأنّها هل تحمل على التقيّة أو لا؟
فمنها : صحيحة زرارة عن أبي جعفر عليهالسلام «في الرجل يحدث بعد أن يرفع رأسه في السجدة الأخيرة وقبل أن يتشهّد ، قال : ينصرف فيتوضّأ فإن شاء رجع إلى المسجد وإن شاء ففي بيته وإن شاء حيث شاء قعد فيتشهّد ثمّ يسلِّم ، وإن كان الحدث بعد الشهادتين فقد مضت صلاته» (١).
فربّما يستظهر منها عدم الوجوب وخروج التشهّد عن الصلاة وإلّا بطلت لمكان الحدث ، فكيف حكم عليهالسلام بالانصراف والإتيان بالتشهّد حيثما شاء بعد التوضي ، وقد أفتى الصدوق بمضمونها (٢) ، ومن أجله قد ينسب إليه الخلاف في المسألة ، لكنّه ساقط قطعاً ، فانّ الصدوق لم يفت بعدم الوجوب وإنّما أفتى بمضمون الصحيحة ، ومضمونها كما ترى لا يقتضي عدم الوجوب ، بل غايته
__________________
(١) الوسائل ٦ : ٤١٠ / أبواب التشهّد ب ١٣ ح ١.
(٢) الفقيه ١ : ٢٣٣ ذيل الحديث ١٠٣٠.