عدم مبطلية الحدث في خصوص هذا المورد. وهذا حكم آخر إمّا أن يلتزم به كما صنعه الصدوق أو يحمل على التقيّة ، وسيجيء الكلام حوله في بحث الخلل إن شاء الله تعالى.
وأمّا نفس التشهّد ، فلا دلالة فيها على عدم وجوبه كي تعارض النصوص السابقة ، بل هي بالدلالة على الوجوب أولى من الدلالة على العدم ، ولذا لم يسوّغ عليهالسلام في تركه ، بل أمره بالإتيان بعد تحصيل الطهارة وإن كان في بيته أو حيثما شاء ، وظاهر الأمر الوجوب ، فتخرج الصحيحة عن المعارضة إلى المعاضدة. فاستظهار الخلاف منها كنسبته إلى الصدوق كلاهما في غير محلّه.
وعلى الجملة : فالصحيحة لا تعارض إلّا النصوص الدالّة بإطلاقها على ناقضية الحدث وللعلاج بينهما مقام آخر لا نصوص المقام.
ومنها : موثقة عبيد بن زرارة قال : «قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : الرجل يحدث بعد ما يرفع رأسه من السجود الأخير ، فقال : تمّت صلاته ، وإنّما التشهّد سنّة في الصلاة فيتوضّأ ويجلس مكانه أو مكاناً نظيفاً فيتشهّد» (١).
وهي كسابقتها توهّماً وجواباً غير أنّها تزيد عليها بقوله عليهالسلام : «التشهّد سنّة» ، فقد يتوهّم من التعبير بالسنّة الاستحباب ، وهو كما ترى ، فانّ هذا الإطلاق اصطلاح محدث من الفقهاء دارج في ألسنتهم. وأمّا في لسان الأخبار فهو بمعنى ما سنّة النبيّ صلىاللهعليهوآله في قبال ما فرضه الله تعالى فلا ينافي الوجوب ، وقد أُطلق لفظ السنّة على القراءة والتشهّد في ذيل حديث لا تعاد (٢) وغيره ، مع أنّ القراءة واجبة بلا إشكال لقوله عليهالسلام : «لا صلاة إلّا بفاتحة الكتاب» (٣) وغيره من الأخبار.
__________________
(١) الوسائل ٦ : ٤١١ / أبواب التشهّد ب ١٣ ح ٢.
(٢) الوسائل ٦ : ٩١ / أبواب القراءة في الصلاة ب ٢٩ ح ٥.
(٣) المستدرك ٤ : ١٥٨ / أبواب القراءة في الصلاة ب ١ ح ٥.