وقد ذكر بعضهم انحصار الدليل في الإجماع وإلّا فالنصوص غير وافية بإثبات الوجوب ، لورودها في مقام آخر من نسيان التشهّد أو الشك ونحوهما ، فليست هي في مقام تشريع الوجوب كي تدل عليه ، بل مسوقة لبيان حكم آخر.
لكن الإنصاف عدم الانحصار وإن كان الإجماع بنفسه صالحاً للاستدلال فان معظم الأخبار وإن كانت كما ذكر إلّا أنّه يمكن استفادة الحكم من بعضها.
فمنها : صحيحة الحلبي عن أبي عبد الله عليهالسلام «قال : إذا قمت في الركعتين من ظهر أو غيرها فلم تتشهّد فيهما فذكرت ذلك في الركعة الثالثة قبل أن تركع فاجلس وتشهّد وقم فأتم صلاتك ...» إلخ (١) فإنّ الأمر بالجلوس والتشهّد ظاهر في الوجوب.
ومنها : صحيحة الفضلاء عن أبي جعفر عليهالسلام «قال : إذا فرغ من الشهادتين فقد مضت صلاته ، فان كان مستعجلاً في أمر يخاف أن يفوته فسلّم وانصرف أجزأه» (٢) دلّت بمفهوم الشرط على عدم مضي الصلاة وعدم تماميتها ما لم يفرغ عن الشهادتين ، وهذا كما ترى مساوق لجزئية التشهّد ووجوبه وإلّا لما أُنيطت صحّة الصلاة بالفراغ عنه.
وحكمه عليهالسلام في الذيل باجزاء التسليم لدى الاستعجال ناظر إلى عدم لزوم الإتيان بالأذكار والأدعية المستحبّة الواردة بعد التشهّد.
ومنها : صحيحة الحلبي عن أبي عبد الله عليهالسلام «قال : إذا التفتّ في صلاة مكتوبة من غير فراغ فأعد الصلاة إذا كان الالتفات فاحشاً وإن كنت قد تشهّدت فلا تعد» (٣) دلّت بالمفهوم على وجوب الإعادة إذا كان الالتفات
__________________
(١) الوسائل ٦ : ٤٠٦ / أبواب التشهّد ب ٩ ح ٣.
(٢) الوسائل ٦ : ٣٩٧ / أبواب التشهّد ب ٤ ح ٢.
(٣) الوسائل ٦ : ٤٢٤ / أبواب التسليم ب ٣ ح ٤.