هذا ، وقد يستدل على الاستحباب بخبر رحيم قال : «قلت لأبي الحسن الرِّضا عليه‌السلام جعلت فداك أراك إذا صلّيت فرفعت رأسك من السجود في الركعة الأُولى والثالثة فتستوي جالساً ثمّ تقوم ، فنصنع كما تصنع؟ فقال : لا تنظروا إلى ما أصنع أنا اصنعوا ما تؤمرون» (١) قال في الوسائل : أوّل الحديث يدل على الاستحباب ، وآخره على نفي الوجوب.

وفيه : أنّ الرواية وإن كانت معتبرة سنداً ، فانّ رحيم الّذي هو من أصحاب الرِّضا عليه‌السلام هو الملقب بعبدوس الخلنجي أبو أحمد وهو موجود في أسانيد كامل الزيارات ، وهو كاف في توثيقه وإن لم يوثق في كتب الرِّجال لكن الدلالة قاصرة ، فإنّها محمولة على التقيّة ، وإلّا فلما ذا منعه عليه‌السلام عن أن يصنع كما صنع ، مع أنّ جلسة الاستراحة لا إشكال في رجحانها واستحبابها لكونها من توقير الصلاة كما مرّ. فيعلم من ذلك أنّ سند المنع هو التقيّة إمّا من نفس الراوي كما احتمله في الحدائق (٢) ، أو من أجل الابتلاء بالعامّة والوقوع في خلاف التقيّة ، فلم تكن الرواية واردة في مقام بيان الحكم الواقعي قطعا.

وقد ظهر من جميع ما سردناه أنّ الأقوى عدم وجوب جلسة الاستراحة وإن كان الاحتياط ممّا لا ينبغي تركه.

بقي هنا شي‌ء : وهو أنّ صاحب المدارك قدس‌سره بعد أن استدلّ للوجوب برواية أبي بصير المتقدِّمة التي في سندها سماعة وهي الرواية السادسة من الروايات المتقدِّمة وعارضها بموثقة زرارة المتقدِّمة بقوله : والسندان متقاربان قال قدس‌سره بعد ذلك : ويدلُّ على الاستحباب صحيحة عبد الحميد بن عواض (٣)

__________________

(١) الوسائل ٦ : ٣٤٧ / أبواب السجود ب ٥ ح ٦.

(٢) الحدائق ٨ : ٣٠٤.

(٣) المدارك ٣ : ٤١٣.

۵۵۳