جبهته على الخشبة مثلاً والأنف على التربة ، إذ لا يصدق معه أنّ الأنف أصاب ما أصابه الجبين ، بل كل منهما أصاب شيئاً غير ما أصابه الآخر ، بل لازمه عدم الاجتزاء بما لو وضع جبهته على تربة ، وأنفه على تربة اخرى مفصولة عنها لعين ما ذكر ، فظاهر الموثق أن يكون هناك شي‌ء واحد وجسم فأرد مسجداً لكلا العضوين كتربة واحدة تسع الموضعين كي يصدق معه أنّ الأنف أصاب ما أصابه الجبين لانتفاء الصدق بدون ذلك إلّا بمعونة ارتكاب نوع من الاستخدام ، بأن يقال إنّ الأنف أصاب نوع ما أصابه الجبين أو جنسه وهو على خلاف الأصل ، وحيث إنّ هذا الظاهر مطروح قطعاً لعدم القول به من أحد. فلا مناص من طرح الرواية أو حملها على الاستحباب ، فالمقتضي للوجوب قاصر في حدّ نفسه.

وثانياً : مع التسليم لا بدّ من رفع اليد عنه للدليل الّذي تمسّكنا به في كثير من المقامات ، وهو أنّ المسألة كثيرة الدوران وعامّة البلوى لكل أحد في كل يوم ، فلو كان الوجوب ثابتاً لاشتهر وبان وشاع وذاع وكان من الواضحات من غير خلاف معتد به ، كيف ولم ينسب القول به إلى أحد ما عدا الصدوق في ظاهر عبارته التي هي مضمون النصوص القابلة للحمل على الاستحباب بقرينة عدّه من الآداب. فالمتعيِّن هو الحكم بالاستحباب الّذي عليه المشهور ، بل هو المتسالم عليه لعدم وجود مخالف صريح ، وإن كان الاحتياط ممّا لا ينبغي تركه.

وثالثاً : أنّ محمّد بن مصادف وإن ضعّفه ابن الغضائري كما سمعت إلّا أنّه وثقه في موضع آخر من كتابه (١) ومن ثمّ توقف فيه العلّامة (٢). وعلى أيّ حال لا يمكن التعويل لا على تضعيفه ولا على توثيقه ، لا لقدح فيه في نفسه فإنّه من الثقات ومن مشايخ النجاشي وقد اعتمد عليه كثيراً ، بل لأنّ الكتاب المنسوب

__________________

(١) ، (٢) الخلاصة : ٤٠٤ / ١٦٣٠.

۵۵۳