وثالثة : للروايات المتقدِّمة (١) المتضمِّنة أنّ السجود على سبعة أعظم وأنّها الفرض ، وأنّ الإرغام بالأنف سنّة.
وفيه : أنّ السنّة في لسان الأخبار غير ظاهرة في الاستحباب سيّما إذا قوبلت بالفرض ، فانّ المراد بها ما سنّة النبيّ صلىاللهعليهوآله وجوباً أو استحباباً في قبال ما فرضه الله تعالى في كتابه ، وقد أُطلقت السنة على بعض الواجبات في لسان الروايات كقوله : القراءة سنّة ، التشهّد سنّة ، الركعتان الأخيرتان سنّة وغير ذلك.
ورابعة : للنصوص المتضمِّنة ان ما بين قصاص الشعر إلى طرف الأنف أو إلى الحاجب مسجد وإن أي ذلك أصبت به الأرض أجزأك (٢) فانّ مقتضاها عدم وجوب السجود على الأنف لخروجه عن الحد.
وفيه : ما لا يخفى ، فانّ تلك النصوص في مقام تحديد المسجد من الجبهة ولا نظر فيها إلى سائر المساجد ، فكما لا تنفي وجوب السجود على اليدين والركبتين كذلك لا تنفي وجوبه على الأنف لو كان واجباً لعدم كونها ناظرة إلى ما عدا الجبهة من المساجد كما عرفت.
فالإنصاف : أنّ شيئاً من هذه الوجوه لا يصلح سنداً للاستحباب فيبقى الموثق المؤيّد بالمرسل الظاهر في الوجوب سليماً عن المعارض.
والصحيح في الجواب أن يقال : أوّلاً : أنّ المقتضي للوجوب قاصر في حدّ نفسه ، فان ظاهر الموثق لزوم إصابة الأنف شخص ما يصيبه الجبين لا شيء غيره من نوع أو جنس آخر وإن كان ممّا يصح السجود عليه ، لاستلزامه نوعاً من الاستخدام الّذي هو على خلاف الأصل ، ولازمه عدم الاجتزاء بما لو وضع
__________________
(١) في ص ٨٩.
(٢) الوسائل ٦ : ٣٥٥ / أبواب السجود ب ٩.