وأمّا السجود على أحد الجبينين ، فليس عليه دليل ظاهر ، فإنّه استدلّ له بوجوه كلّها مخدوشة :
الأوّل : الإجماعات المحكية في كلمات غير واحد من الأعلام. وفيه : أنّها لا تزيد على كونها إجماعات منقولة لا اعتداد بها. على أنّها لو كانت محصّلة لم تكن إجماعاً تعبّدياً كاشفاً عن رأي المعصوم عليهالسلام لاحتمال استناد المجمعين كلّاً أو بعضاً إلى بعض الوجوه الآتية ، سيّما وأنّ المحقِّق قد استدلّ على الحكم صريحاً بما يرجع إلى قاعدة الميسور فلو كان المستند هو الإجماع التعبّدي لم يظهر وجه لهذا الاستدلال كما لا يخفى.
الثاني : قاعدة الميسور. وفيه : مضافاً إلى منع الكبرى كما حقّق في الأُصول (١) وإلى منع الصغرى ، لوضوح أنّ الجبين مباين مع الجبهة وليس من مراتبها كي يعد ميسوراً لها ، أنّه لا مجال للتمسّك بها بعد وجود النص المصرح بالوظيفة الفعلية وهو موثق إسحاق الآتي ، فلا تنفع القاعدة حتّى لو سلّمت كبرى وصغرىً كما لا يخفى.
الثالث : خبر مصادف المتقدِّم ، بتقريب أنّ الإمام عليهالسلام قد قرّره على ما زعمه من السجود على الجبين غير أنّه عليهالسلام بيّن له مرحلة أُخرى سابقة عليه وهو الحفر بحيث يظهر إمضاؤه عليهالسلام لما اعتقده من جواز السجود على الجبين لولا التمكن من الحفر.
وأُورد عليه : بأنّ غايته الجواز دون الوجوب ، فمن الجائز أن يكون مخيّراً بينه وبين السجود على الذقن فلا يدل على تعيّنه كما هو المطلوب.
وفي كل من الاستدلال والإيراد نظر ، فانّ الخبر ضعيف السند كما مرّ وقاصر الدلالة ، فإنّ الإمام عليهالسلام قد نهاه صريحاً عمّا صنعه بقوله عليهالسلام
__________________
(١) مصباح الأُصول ٢ : ٤٧٧.