وترديد العلّامة في محله.
وأمّا الثاني : أعني وجود المانع عن هذا المقتضي ، فيظهر من المحقِّق الهمداني (١) قدسسره أنّ المانع عنه هو التفريع المذكور في نصوص الجبهة التي منها وهي العمدة صحيحة زرارة «الجبهة كلّها من قصاص شعر الرأس إلى الحاجبين موضع السجود فأيّما سقط من ذلك إلى الأرض أجزأك ...» إلخ (٢) فانّ الحكم بالاجتزاء بسقوط أيّ جزء المساوق لعدم وجوب الاستيعاب متفرِّعاً ذلك على بيان حدّ الجبهة بقوله عليهالسلام «فأيّما» يعطي سريان الحكم إلى جميع المساجد ومنها الكف وأنّه حكم عام قد طبّق على المقام ، فالتفريع بمنزلة العلّة وكأن هناك صغرى وكبرى مطويّة ، كأنه عليهالسلام قال : هذا الحد كلّه مسجد ، وكل مسجد يكفي فيه البعض ، فيجتزى بكل ما سقط من الجبهة على الأرض.
ولكن الجواب عن هذا لعلّه ظاهر ، فانّ الروايات ليست بصدد بيان عدم وجوب الاستيعاب ، كيف وهذا من الواضحات الأوّلية التي يعرفها كل أحد حتّى الصبيان ، فانّ الجبهة مستديرة وفي مثلها يستحيل الاستيعاب ، إلّا إذا كانت الأرض تراباً بحيث تغمس فيها الجبهة ، وأمّا الصلب المسطح كما هو الأغلب فلا يعقل فيه ذلك وليس قابلاً للبحث عن وجوبه وعدمه.
بل الرواية في مقام التوسعة في حدّ الجبهة ، وأنّها صادقة على كل جزء ممّا بين الحاجبين إلى قصاص الشعر ، ولا تختص بما يلي طرف الأنف مثلاً ، ولأجله فرّع عليه جواز السجود على كل جزء منه ، فالتفريع ناظر إلى التوسعة في الصدق ، لا في مقام عدم وجوب الاستيعاب كي يستفاد منه ضابط كلِّي يشمل
__________________
(١) مصباح الفقيه (الصلاة) : ٣٤٢ السطر ٨.
(٢) الوسائل ٦ : ٣٥٦ / أبواب السجود ب ٩ ح ٥.