فلا مانع منه (١) ألا ترى أنّ الوقت وعدم الحيض والقبلة ونحوها أُمور غير اختيارية ، ومع ذلك قد اشترط الصلاة بكل من ذلك ، فإنّ إيقاع الصلاة في تلك الحالات أمر اختياري ، فنفس الإرادة بمعنى الاختيار وإن فرض أنها أمر غير اختياري ، إلاّ أنّ إيقاع الصلاة عن إرادة واشتراطها بذلك حيث إنه أمر اختياري ، فلا مانع من أخذها شرطاً.
وأمّا ثالثاً : فلأنّ هذا التقريب أجنبي عن المقام بالكلية ، وذلك لأنّ النيّة تطلق في مقامين.
أحدهما : القصد إلى الفعل والعزم عليه ، وهذا يشترك فيه العبادي والتوصلي فإنّه لا بدّ في كون الشيء مصداقاً للواجب من أن يكون مقصوداً ، وإلاّ لم يكن مصداقاً للمأمور به. نعم ، يمكن أن يدل الدليل على حصول الغرض وسقوط الواجب بذلك وهو أمر آخر. والبحث عن أنّ الإرادة اختيارية أو غير اختيارية إنما يتم على هذا المعنى.
ثانيهما : الإتيان بالفعل بداعي الأمر والانبعاث عن قصد التقرب ، وهذا هو محل الكلام في أنه جزء أو شرط ، وهو لا إشكال في كونه اختيارياً كما لا يخفى ، سواء أقلنا بأنّ الإرادة أمر اختياري أو غير اختياري ، وسواء أقلنا إنّ الشرط أمر اختياري أم لا ، فانّ كل ذلك أجنبي عن المقام.
فالحق أنّ النيّة إنما اعتبرت في الصلاة على نحو الشرطية لا غير.
__________________
(١) هذا إنّما يتجه في شرط الوجوب لا الواجب كالنيّة في المقام ، فانّ التقيد به داخل تحت الطلب كنفس الجزء ، وما كان كذلك لا بدّ وأن يكون القيد اختيارياً ، كما صرّح ( دام ظلّه ) بذلك في مطاوي ما تقدّم من مباحث اللباس المشكوك [ شرح العروة ١٢ : ٢١٦ ].