المقتضي للاعتبار بعد صدق التجاوز بدون ذلك كما عرفت ، وإليه يشير ما في بعض نصوص الباب من قوله : « كل ما شككت فيه ممّا قد مضى فامضه كما هو » (١).
وعلى الجملة : إذا كان المشكوك أصل الوجود فهو مورد لقاعدة التجاوز وإذا كان صحته فهو مورد لقاعدة الفراغ ، ويعتبر فيهما التجاوز عن المشكوك إلاّ أنّ صدقه في الأوّل يتوقف على الدخول في الغير دون الثاني.
ثم إنّ قاعدة الفراغ لا يختص جريانها بما بعد الفراغ عن مجموع العمل المركّب بل يجري في الأثناء أيضاً كقاعدة التجاوز لإطلاق الأدلّة ، فلو شكّ في الأثناء في وجود الجزء السابق أو في صحته جرت القاعدتان وحكم بعدم الاعتناء ، إنّما الكلام في أنّه هل يختص بالأجزاء المستقلّة كالقراءة والركوع والسجود ونحوها أو يعمّ أجزاء الأجزاء كأبعاض القراءة من الفاتحة والسورة ، وما تشتملان عليه من الآيات والكلمات.
اختار شيخنا الأُستاذ قدسسره الأوّل ، نظراً إلى أنّها المذكورة في صحيحة زرارة المتقدمة (٢) فيقتصر عليها ، إذ لا دليل على التعدِّي (٣).
لكن الظاهر أنّ المذكورات من باب المثال حيث أكثر زرارة في السؤال ، فسأله أوّلاً عمّن شكّ في الأذان وهو في الإقامة ، ثم عن الشك في التكبير ، ثم القراءة ثم الركوع ، ثم السجود ، فأراد الإمام عليهالسلام قطع أسئلته فأعطاه ضابطة كلية فقال عليهالسلام في ذيلها كما تقدّم « يا زرارة إذا خرجت من شيء ثم دخلت في غيره فشكك ليس بشيء » وهذا بإطلاقه يعمّ جميع موارد الشك حتى في جزء الجزء كما لا يخفى ، فيشمل ما لو شكّ في الفاتحة وهو في السورة بل لو شكّ في آية وهو في آية أُخرى ، كما أنّ الصحيحة الأُخرى المتقدمة المتعرضة
__________________
(١) الوسائل ٨ : ٢٣٧ / أبواب الخلل ب ٢٣ ح ٣.
(٢) الوسائل ٨ : ٢٣٧ / أبواب الخلل ب ٢٣ ح ١.
(٣) أجود التقريرات ٢ : ٤٧٣ ٤٧٥.